كثيرا ما تنطلق شرارة "حرب" شرسة بين المعلقين المغاربة والجزائريين كلما نُشر مقال أو تقرير صحفي يتحدث عن العلاقات بين البلدين الجارين، في مختلف المنابر الإعلامية الإخبارية داخل المغرب أو خارجه، وسواء إذا كان الموضوع يناقش مظاهر الصراع والأزمة السياسية بين المغرب والجزائر، أو كان يلامس محاولات تدفئة العلاقات الجامدة بينهما. وأضحت تعليقات المعلقين المغاربة والجزائريين أشبه بالظاهرة الإعلامية والسياسية والاجتماعية التي استفحلت بشكل لافت للانتباه خلال الآونة الأخيرة، حيث لا يكاد يمر موضوع يجمع البلدين معا حتى تنهال التعليقات التي يحاول بعضها صب النار على الزيت وإذكاء فتنة التنازع والتصارع، فيما تختار طائفة أخرى من التعليقات جانب العقل والموضوعية، والنزوع نحو لم الشمل والتصالح. هجومات ودفاعات وعلى سبيل المثال لا الحصر، دخل معلقون مغاربة وجزائريون على الخط في موضوع سبق لموقع هسبريس أن نشره بخصوص سعي الجزائر للتسلح بهدف التفوق العسكري على المغرب، حيث انبرى معلقون جزائريون لوصف نظرة المغاربة للجزائر بالهستيريا التي لا مبرر لها، متابعين بأن الجزائر لا تضع المغرب أبدا في حساباتها العسكرية، فيما المغاربة مهووسون بما ينوي الجزائريون فعله. وقال معلقون جزائريون: الجزائر تتسلح لأن الحدود مع مالى وليبيا غير مستقرة، ومساحة الجزائر شاسعة، فلماذا كلما اشترينا بندقية قامت قائمة المغرب؟"، قبل أن يجزموا بأن "الجزائر تتسلح لتحمي نفسها فقط، بخلاف المغرب الذي له أهداف أخرى. وبالمقابل، هاجم معلقون مغاربة الجزائر في نفس الموضوع بالقول إن الجزائر ينطبق عليها المثل الشعبي الذي يقول: "شْحال تَعْطِني نَغْلَبْ عيشَة خْتِي"، بينما أردف معلقون مغاربة آخرون مخاطبين القادة بالجزائر: "تتسلحون وتتركون شعبكم بالجوع؟"، ليخلصوا إلى أن هذا مؤشر على فساد النظام الجزائري. وحاول معلقون من الجهتين معا أن ينحوا منحى الاعتدال والصواب في ملاحظاتهم، حيث أكدوا بأن الشعبين الجزائري والمغربي شعب واحد لغويا ودينيا وجغرافيا، فالغرب واليهود يفعلون ما بوسعهم لزجنا في حرب لا تُحمد عقباها، ولكن إرادة الشعبين تحول دون تحقق ذلك". ترجمة للسياسة وتعليقا على "الحرب" التي تستعر بين المغاربة والجزائريين في بعض المواضيع والتقارير الصحفية والإعلامية التي تنشر هنا وهناك، أفاد عبد الله بوكيوض الباحث في التواصل السياسي في تصريحات لهسبريس بأن التعليقات بين المغاربة والجزائريين تكاد تكون ظاهرة سياسية وإعلامية بامتياز، لا تكاد تخلو منها المواقع الإخبارية المتنوعة. وزاد بوكيوض بأنه بتصفح هذه المواقع والمنابر الإعلامية، وتحديدا المواضيع التي تتطرق إلى أي شيء يجمع بين المغرب والجزائر سواء في السياسة أو الرياضة أو الفن أو الاجتماع، تجد زخما هائلا من التعليقات المهاجمة في أحايين كثيرة والمهادنة في أحيان قليلة من الطرفين معا، مردفا أن هناك أيضا معلقون قد يكونون من جنسيات أخرى أو ينتسبون إلى تيارات أو أجهزة معينة، يدبجون تعليقاتهم في الاتجاه الذي يخدم توجهاتهم وأجنداتهم الخاصة. وخلص الباحث إلى أن ظاهرة المعلقين المغاربة والجزائريين تتبع منطقيا حالة العلاقات السياسية والدبلوماسية الراهنة بين البلدين الجارين، شارحا بأنه لو كانت هذه الروابط متينة وسليمة لما كانت هناك حرب في التعليقات ولا هجومات أو سب أو قذف، وبالتالي فالتعليقات تترجم بشكل واضح حالة التوتر السائدة في العلاقات بين البلدين منذ سنوات عديدة.