لن يرفض مغربيان الاعتراف بأن أحمد الميداوي "دار لّي عليه" وأكثر، فالرجل قام بعمله كما ينبغي حسب ما هو مسطر له في الدستور، حقّق وبحث ثم أصدر تقرير المجلس الأعلى للحسابات والذي يعتبر الهيئة العليا لمراقبة المالية العمومية بالمملكة، هذا التقرير وإن كانت قد سبقته تقارير أخرى يأتي في سياق متميز عنوانه محاربة الفساد والحفاظ على المال العام وترشيد صرفه. تقرير الميداوي "فرش" مسؤولي عدد من المؤسسات العمومية، وعرّى ما كانوا يغطونه بلغة الخشب والأرقام المزورة المخلوطة بحملات إشهارية مغشوشة، وأدخلهم قفص الاتهام في انتظار أن تقوم جهات أخرى بدورها اتجاههم. الميداوي ابن تاونات الذي كان على رأس المؤسسة الأمنية وعلى رأس وزارة الداخلية، صورته لا تفارق هذه الأيام رؤوس مسؤولين ظل المغاربة ينظرون إليهم بعين الريبة والتوجس نتيجة تواضع حصيلة أدائهم طيلة فترة توليهم لمسؤولياتهم، ومنهم من بات يتشاءم من ذكر أسماء قريبة من اسمه. الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات يُصنَّف "طالعا" على "هسبريس" أولا لأنه أدى مهمته بتفانٍ حين كشف عن اختلالات تدبير أموال عمومية في عدد من المؤسسات، ثم لأنه سيضع شعارات رفعتها بعض المؤسسات الأخرى على المحك، وسيجعل المغاربة يكتشفون ما إذا كان شعار محاربة الفساد قابل للتجسيد أم أن "حليمة ستعود إلى عادتها القديمة" في انتظار حِراك آخر في إشعار آخر.