تعيش إسبانيا يوم غد الخميس على إيقاع إضراب عام دعت إليه المركزيتان النقابيتان "الاتحاد العام للشغل" و"اللجن العمالية" وذلك لأول مرة منذ تنصيب الحكومة اليمينية الجديدة في دجنبر الماضي. ويعتبر هذا الاضراب العام فرصة بالنسبة للمركزيتين النقابيتين من أجل التأكيد على قدرتهما على تعبئة الطبقة الشغيلة وبالتالي الحفاظ على مكتسباتها فضلا عن ممارسة الضغط على حكومة ماريانو راخوي من أجل إعادة النظر في إصلاح سوق الشغل الذي اعتمدته الحكومة من جانب واحد. وكان الأمينان العامان للمركزيتين النقابيتين "الاتحاد العام للشغل" و"اللجن العمالية" على التوالي إغاثي فيرنانديث طوشو وكانديدو مينديث قد وجها الاسبوع الماضي نداء إلى الطبقة الشغيلة من أجل التعبئة لإنجاح الإضراب العام ليوم 29 مارس الجاري للاحتجاج على إصلاح سوق الشغل الذي لقي معارضة من قبل المركزيات النقابية والعديد من أحزاب المعارضة. ودعا الامينان العامان العمال الإسبان والمواطنين إلى المشاركة بكثافة في هذا الإضراب العام للتعبير عن رفضهم القاطع لهذا الإصلاح الذي يشكل "خطوة إلى الوراء لم يسبق لها مثيل" في النضال من أجل حقوق العمال. وكان إصلاح سوق الشغل المثير للجدل لتزامنه مع الأزمة الاقتصادية والارتفاع المهول في معدلات البطالة بإسبانيا قد قوبل باعتراض قوي من قبل العديد من الأحزاب السياسية المعارضة والمركزيات النقابية. وحسب المركزيتين النقابيتين فإن الدعوة إلى شن الاضراب العام الذي تم وصفه ب"العادل والضروري" يأتي بعد رفض الحكومة الشروع في حوار بشأن هذا الاصلاح. وكان مئات الالاف من الإسبان قد تظاهروا يوم 11 مارس الجاري في العشرات من كبريات المدن الاسبانية للاحتجاج على إصلاح سوق الشغل. وقد نظمت هذه المظاهرات في أزيد من ستين مدينة إسبانية من بينها مدريد وبرشلونة وبلنسية وأليكانتي وإشبيلية ولاكورونيا وساس سيباستيان وجيان وقاديس وبامبلونا وخيخون وقرطبة تلبية لنداء وجهته المركزيتان النقابيتان للاحتجاج على إصلاح سوق الشغل الذي اعتمدته الحكومة الاسبانية الجديدة من جانب واحد دون استشارة المركزيتين النقابيتين وأحزاب المعارضة. وشهدت العاصمة الاسبانية أكبر مظاهرة للتنديد بإصلاح سوق الشغل شارك فيها حسب مصادر الشرطة حوالي 30 ألف شخص فيما رفعت المركزيتان النقابيتان هذا الرقم إلى 500 ألف شخص. ورفع المشاركون في مختلف هذه المظاهرات التي بلغ عدد المشاركين فيها حسب المركزيتين النقابيتين مليون و500 ألف شخص (150 ألف شخص حسب الشرطة) شعارات كتب عليها " لا لإصلاح الشغل .. إصلاح غير ضروري وغير فعال وغير عادل" و"لا سلام بدون خبز". وفي يوم 19 فبراير الماضي شهدت كبريات المدن الاسبانية (57 مدينة) مظاهرات عارمة شارك فيها مئات الالاف من الإسبان للتنديد بإصلاح سوق الشغل الذي سيتسبب في تبسيط إجراءات تسريح العمال. وتتهم المركزيتان النقابيتان الحكومة بالخضوع لمطالب أرباب العمل والأسواق المالية ضدا على مصالح العمال مؤكدتين أن هذا الإصلاح "من شأنه أن يعجل بالقضاء على مناصب الشغل" في بلد يتجاوز فيه معدل البطالة أزيد من 24 في المائة من السكان النشيطين. وحسب المركزيتين النقابيتين "الاتحاد العام للشغل" و"اللجن العمالية" فإن إصلاح سوق الشغل الذي صادقت عليه الحكومة الاسبانية لن يساهم في خلق مناصب الشغل ولن يكون فعالا بالنسبة للنمو الاقتصادي داعيتين الحكومة الاسبانية برئاسة ماريانو راخوي إلى تصحيح سياستها في مجال الشغل والتراجع عن هذا الإصلاح. وكان مجلس النواب (الغرفة السفلى للبرلمان الاسباني) قد صادق مؤخرا على إصلاح سوق الشغل الذي أثار نقاشا ساخنا في البرلمان الاسباني بعد أن أكدت العديد من أحزاب المعارضة أن هذا الإصلاح سيتسبب حسب رأيها في ارتفاع نسبة البطالة في الوقت الذي دافعت فيه الحكومة المحافظة بقيادة الحزب الشعبي عن هذا المخطط الإصلاحي الذي يهدف حسب المسؤولين الحكوميين إلى تسهيل خلق مناصب الشغل. لكن الاحزاب المعارضة وفي مقدمتها الحزب الاشتراكي العمالي الاسباني واليسار بمختلف تشكيلاته اعتبرت أن هذا الاصلاح "سيدمر فرص الشغل ولن يخلق مناصب الشغل" مؤكدة أنه "إصلاح غير دستوري". وحسب أحزاب المعارضة فإن هذا الاصلاح يشكل "انتهاكا صارخا" للدستور الاسباني وخصوصا في ما يتعلق بمنح أرباب العمل الحق في تخفيض الأجور من جانب واحد والرفع من مدة التمرين المهني من سنة إلى سنتين مما يسمح للمشغل من الفصل التعسفي للعاملين المتمرنين.