للذين يستصغرون على حزب الأمة خطوته الأولية في إيداع ملف التأسيس وحصوله على وصل الإيداع، لقد حرم الحزب حتى من هذا الوصل في 2007 الذي من المفروض أن يكون تسليمه خطوة عادية، وأنكرت وزارة الداخلية آنذاك واقعة إيداع الملف التأسيسي وظل الحزب يناضل لمدة خمس سنوات، وأدى ثمن ذلك من خلال تدبير أمني بئيس راح ضحيته أمينه العام في ملف مفبرك انفضح مع مسلسل المحاكمات غير العادلة والمرافعات الشهيرة للمعتقلين وللدفاع، ولازال معتقلون آخرون مظلومون يقبعون في السجن نتيجة هذا الملف الأمني المفبرك الذي دبر بليل، وحين أعلن حزب الأمة عن شروعه في إعادة التأسيس القانوني فذلك كان وعيا منه أن الانجرار وراء مسطرة القضاء الذي لم ينصفه في ملفه عبر تتبع مسلسل الاستئناف مضيعة للوقت، وأعد العدة لإعادة التأسيس القانوني، وأقول أعد العدة لأن تأسيس حزب سياسي في بلادنا المغرب ليس بالأمر العادي والهين، فمسطرته معقدة وشروطه مجحفة،، لقد تمكن حزب الأمة من اجتياز مخاض التأسيس القانوني بعد جهد جهيد، وللذين يجهلون هذا المخاض إليكم إطلالة سريعة له: إن قانون الأحزاب السياسية المعمول به في المغرب والذي صادق عليه البرلمان السابق يفرض على أي حزب يريد أن يتأسس قانونيا مجموعة شروط مجحفة: أولها التوزيع الجغرافي للمؤسسين حيث على المؤسسين الذين ينص القانون أن يبلغ عددهم على الأقل ثلاث مئة أن يكونوا موزعين على ثلثي جهات المملكة على الأقل بمعنى على إحدى عشر جهة على الأقل، وثانيها أن تكون نسبة كل جهة من التأسيس خمسة في المئة من الثلاث مئة مؤسس، وثالثها أن يكون المؤسسون مسجلون في اللوائح الانتخابية بمعنى أن غير المسجلين لا حق لهم في التأسيس، ولأجل ذلك يجب قانونيا على كل مؤسس أن يدلي بشهادة إدارية تثبت أنه مسجل في اللوائح الانتخابية، وبالتزام مكتوب وموقع من طرفه ومصادق عليه يلتزم فيه المؤسس بعقد المؤتمر التأسيسي، وببطاقته الوطنية، لقد اعتكف مؤسسو هذا الحزب على توفير كل هذه الشروط، وتمكنوا من ذلك بعون الله وقوته، وتم إيداع ملف التأسيس ضمن الخطوة الأولى في "مسلسل التأسيس القانوني" وسينتظر لمدة شهر كما هو منصوص في قانون الأحزاب السياسية توصله بإشعار المطابقة من طرف السلطات المختصة ، كي يتمكن من الترتيب لعقد مؤتمره التأسيسي، لذلك فمسيرة الاعتراف القانوني وانتزاع الحق في التنظيم لازالت مستمرة، و أول الخطوة قد قطعت والخطوات المقبلة ستبين رشد السلطات من غيها، أما الحديث عن "كثرة الأحزاب" كما قرأت في بعض التعليقات عبر النت فهو حديث مغلوط، وليعلم الجميع أن في البلدان ذات الديمقراطيات الناشئة التي قررت شعبا ونظاما ودولة أن تتحول ديمقراطيا بشكل سلمي وسلس، فتحت الباب على مشراعيه لتأسيس الأحزاب واعتمدت مبدأ التصريح عوض الترخيص في تأسيس الأحزاب، وبلغ عدد الأحزاب فيها أضعاف ما في بلادنا المغرب، سواء في إسبانيا إبان فترة الانتقال الديمقراطي أو تونس حاليا أو بلدان أخرى نجحت في التحول الديمقراطي المنشود، ثم تأتي الانتخابات النزيهة والحرة والديمقراطية تحت إشراف مستقل في ظل إقرار قواعد سليمة للتداول الفعلي على السلطة وعلى التباري الديمقراطي الحر والنزيه، فتصفي كل زائد سياسي وآنذاك تتحول التعددية الحزبية الفسيفسائية إلى تعددية سياسية وقطبية بناء على نتائج هذه الانتخابات، إن أجندة الحزب ستظل كما عهدنا سابقا الإسهام في تحقيق التحول الديمقراطي المنشود والذي يمر عبر إقرار دستور ديمقراطي شكلا ومضمونا، إسقاط كل القوانين المخالفة للمقتضيات الحقوقية، تنظيم انتخابات حرة ونزيهة وديمقراطية تحت إشراف مستقل، إجراءات اجتماعية استعجالية للحد من الفوارق الاجتماعية عبر توزيع عادل للثروة وإبعاد العابثين بالمال العام وبالشأن العام، وعهدنا هو الوفاء لهذه الأجندة وللنضال من أجلها وللمعتقلين المظلومين ولشهداء الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية... *من مؤسسي حزب الأمة وعضو اللجنة التحضيرية للحزب [email protected]