صدر العدد الأخير من الشهرية الثقافية والأدبية "طنجة الأدبية" في صيغة بي دي إيف الالكترونية ونشر على موقعها الالكتروني، لتحتجب نسختها الورقية من الأكشاك لمدة قد تطول... وقد جاء قرار المجلة إيقاف الصدور ورقيا على خلفية تجاهل وزارة الثقافة لهذا المنبر الثقافي الذي صمد طويلا وراكم تجربة 38 عددا في ظل ظاهرة الاختفاء السريع لكل الصحف التي تبغي الثقافة والإبداع مجالا لإشتغالها.. وقد جاءت افتتاحية العدد الأخير معبرة عن هذا الموقف ومذكرة بما سبق أن أنذرت به إذ تقول: " سبق لنا أن أطلقنا (..)صرخة عالية نقول فيها أن مجلة طنجة الأدبية «قد تتوقف يوما عن الصدور، وتنسحب إلى الوراء، لتحتمي من سعار المجهول» ونعتقد أن هذه النبوءة قد بدأت تتحقق اليوم، رغم أنها لم تكن قط ضربا من ضروب الغيب" وحملت المجلة الوزارة مسؤولية هذا التحول : "لقد أوقفت وزارة الثقافة السابقة حلم استمرار انتظام الصدور الورقي لمجلة طنجة الأدبية، ودفعت بها إلى الحائط المسدود" كما اتهمت الافتتاحية ضمنا سياسة دعم وزارة الثقافة بالفساد والمحسوبية: " إن الحكومة الجديدة رفعت شعارات قوية، أبرزها محاربة الفساد والمفسدين، ونحن نعتقد أن المجال الثقافي لم يكن بعيدا عن الفساد سواء في التدبير، أو في التمويل، أو في نسج العلاقات بين فاعليه والمحيط" ويحس المشرفون على المجلة بنوع من الغبن إذ يؤكدون أن إقصائها بارز للعيان حيث إن مجلات ثقافية لم تتفوق عليها شكلا ومضمونا ولم تراكم تجربتها تطبع بدعم من وزارة الثقافية، وأخرى تحظى بالدعم منذ عددها الأول، كما أن هناك منابر تحظى بالدعم دون أن يرى لها أثر بين الصحف والمجلات في الأكشاك. ويلاحظ المتتبع للمنابر الثقافية تميز مجلة «طنجة الأدبية» بالمستوى الراقي للإخراج الفني وللطباعة وهو ما يعد أمرا غير معهود في الصحف الأدبية والثقافية التي تتميز ببؤس في التصميم والتصفيف إذ تركز اشتغالها على المواد أكثر مما تعتني بمستوى الشكل والإخراج... وتتميز «طنجة الأدبية» أيضا بكون إخراجها يشرف عليه مهندس وتقنيو إعلاميات محترفون... كما أن للمجلة واجهة إلكترونية موازية تعد من أنجح المنابر الثقافية الإلكترونية المغربية ومن أكثرها امتداد عربيا... ومعلوم أن «طنجة الأدبية» بدأت كجريدة ثقافية هاوية شبه محلية أنشأها بعض الأدباء الشباب من طنجة، قبل أن يشرف عليها الصحفي والشاعر عبد السلام بندريس (المدير الحالي لجريدة صحافة اليوم الجهوية) الذي طورها رفقة فريق تحرير مكون من أدباء ومثقفين إلى نجاح وطني لجريدة أصيلة تعني بالأدب وتقتفي أثر « أخبار الأدب » المصرية. وفيما كان المسؤولون عن الدعم الثقافي يشترطون تحويل الجريدة إلى مجلة لتستوفي شروط الحصول على الدعم كان رؤية رئيس تحرير السابق تصر على أصالة تجربة جريدة أدبية متخصصة تغني فضاء الصحف المغربي بتجربة فريدة غائبة عنه وتكمل طيف مختلف مشاربه. وبعد تحول مهام تسيير الجريدة إلى فريق جديد، ارتأى تطوير الجريدة إلى مجلة مع الاحتفاظ على طابع التميز الذي تمثل في إصدار مجلة ثقافية بمعايير مضبوطة من حيث إخراجها في جمالية المجلات السياسية والنسائية... في مشروع يتوخى تزيين وجه الإصدار الثقافي وعملا بمبدأ المزاوجة بين إمتاع العقل والعين، ومع اعتماد سعر شعبي توسيعا لجمهور الثقافة والإبداع .. وصرح المهندس ياسين الحليمي المدير المسؤول للمجلة ومسير الشركة الداعمة لها أن تضحياته المادية من أجل بناء منبر صحافي ثقافي متميز ومتاح للجمهور الواسع وصلت حدها، وأنه دون تدخل الجهات المسؤولة عن الشأن الثقافي المغربي فإنه من الصعوبة بمكان استمرار، متعهدا باستمرار دعم المجلة بتوفير مقر قار لها داخل مؤسسته الهندسية...