كتبت أيها الدكتور محمد بولوز مقال " الملكية بين الناصحين و المسيئين " ، وتحدثت في مستهله عن شخصية المناضل الأردني المهندس ليث شبيلات الذي لقي اعتداءات من بلطجية الأردن إثر مواقفه التي ينتقد فيها الملكية خاصة بعد رسالته الشهيرة الشديدة اللهجة بعد سقوط نظام مبارك في مصر ، والتي تخيرتَ منها بعناية وتمويه مع أن فيها الكثير مما يستحق ذكره ، وفيها لا يستبعد ليث شبيلات اغتياله "قد أكون وصلت في نهاية الطريق الذي قد يفضي إلى اغتيالي على يد سلطة سياسية استمرأت البطش والفساد، وقد حاربتني بكل الوسائل الدنيئة من تزوير واعتداء وتهديد رغم أني اعتزلت إلا من الرأي، مع أنني لا أطالب بتغييرها بل بتغيير أخلاقها وأخلاقياتها وتصرفات القائمين عليها فقط! " وهذا عكس ما زعمتَه من أن ملك الأردن وفَّر الحماية لشبيلات! إن ليث شبيلات يا دكتور بولوز وجه الكلام مباشرة بلا مواربة وبلهجة نقد شديدة أو قل نصيحة صريحة وواضحة لملك الأردن عبد الله ليعلم الناس أن سبب الفساد والإستبداد الأول هو الملك عبد الله بلا تورية أو إخفاء وهو ما يقتضيه النصح الحقيقي وهو رديف الإخلاص الحقيقي، لم يره "إخلاص" الجبان الخانع الفزع الجزع ، إنما الإخلاص عنده وكما هو في نفسه مقترن بالنصيحة أو النقد اتقاء الآخرة كما ذكر، وعملا بحديث رسول الله الذي تحفظه ومطلعه : " الدين النصيحة" ! والنصيحة لغة هي الإخلاص، يقال: نصحت له أي أخلصت وصدقت ! ومؤخرا كتب شبيلات لرئيس وزراء الأردن رسالة يؤكد فيها نصحه وإخلاصه لملك الأردن قال فيها : "... لو جئت أنا رئيساً للوزراء، وهو أمر بالطبع لا أسعى إليه، فلن أنجح ما لم يبدأ الملك بالتغيير في ما يخصه شخصياً وفي ما يخص الديوان الملكي وحالته غير الدستورية وفي ما يخص الأمراء والأشراف وأسلوب حياتهم. فأية إصلاحات دون ذلك لن تكون إلا إصلاحات تجميلية تغطى بشاعة واقع لم يتغير..." !. إن عدم تسمية الأشخاص الفاسدين - بطانة السوء- بأسمائهم يجعل النصيحة مجرد موضوع لمقال إنشائي عام وفضفاض قد يقحم حتى بطانة الخير مادام الناس لم يتعرفوا الأشرار من الأخيار ليتجنبوا الوقوع فيهم ! مَن هم الذين يستغلون الملكية ؟ و هل يستغلونها في غفلة منها أم برضاها ؟ و من الذي عيَّنهم في مناصبهم ؟ من هم الذين ينشرون الفساد وينتفعون بالاستبداد ؟ من هم بطانة السوء، أهل السوء الذين يأمرون الملكية بالشر ؟ من هم الناصحون الأبرار ومن هم المسيئون الأشرار ؟ نريد أن نعلم خاصة وأن أحد الذين اعتبرتموهم رموز الفساد أصبح اليوم مستشارا للملك ، لطالما هاجمه السي بن كيران الذي أصبح اليوم رئيس حكومة ، نريد أن نفهم ! ثم بعد هذا أستغرب وأنت تريد النصح لملكية المغرب كيف لم تذكر السيد أحمد ابن الصديق ؟ أستغرب ذلك مع أن وزيرين في الحكومة الحالية السادة بوليف و الخلفي، و هما ينتميان إلى أقرب الأحزاب إلى قلبك، وقعا على بيان التضامن معه و احتجا على صمت السلطة و طالبا بتفعيل الشفافية، و ذلك قبيل أن يصبحا من صميم السلطة و مسؤوليْن عن الحكامة و عن الاتصال و النطق باسم الحكومة. كما أستغرب ذلك مع أن أحد الذين تعرفهم جيدا وهو الدكتور حامي الدين، اعتبره رمزا من أربعة رموز الإصلاح في المغرب، رفقة محمد المرواني و جعفر حسون و أبو بكر الجامعي، في مقال نشرته جريدة أخبار اليوم ب تاريخ 04 يناير 2011! بل ورد اسمه 15 مرة في كتاب " le roi prédateur " الذي صدر يوم فاتح مارس 2012 بفرنسا، في معرض نماذج عن ضحايا الفساد الأكبر الذين تُلفَّق لهم التهم جزاء على إخلاصهم، وهو كتاب أدعوك بإلحاح بل و أنصحك بقراءته بتمعُّن ما دمنا في مجال النصح، حتى يتبيَّن لك الرشد من الغي، و ستصادف فيه اسم الهمة 59 مرة واسم الماجيدي 109 مرة، واسم بوهمو 45 مرة، كما سوف تصادف كائنات مالية، حيث ورد 37 مرة لفظ SNI، و 56 مرة ONA، و 9 مرات CDG و 34 مرة ADDOHA. إنه كتاب يلزم كل مخلص للملكية المغربية بأحد أمرين : إما دفع ما في الكتاب مما قد يعتبر "افتراءات" لا أساس لها ، أو الإقرار بأن مضامينه حقائق تفرض على المخلصين إسداء النصح للملك بالتخلي والتحلي ! وأذكرك فقط أن حركة 20 فبراير رفعت أسماء هؤلاء السادة متهمة إياهم بالفساد فهل كنت تقصدهم؟ كيف لم تذكر ابن الصديق وهو الذي نصح للملك كما نصح شبيلات، باتباع وصية ابن خلدون بترك الجمع بين السلطة والثروة وإبعاد بطانة السوء من حوله ؟ لم تذكره مع أنك تتفق معه على الأقل في وجود بطانة شر تحف بالملكية وأهل فساد يحيقون بها ويسيئون حسب زعمك، بينما الملكية عنهم راضية، تؤمِّن لهم الحماية و تُمدُّهم بالنفوذ ليستمروا في فسادهم، إنك تتفق مع ابن الصديق في وجود فساد كبير، لكنك لم تتساءل و ابن الصديق تساءل : "هل يستطيع السيد بنكيران أو هل له الإرادة لمحاربة الفساد الكبير و محاسبة المفسدين الكبار و على رأسهم السيد الماجيدي" ؟ أنت ترى أن الفساد الكبير يظهر الملكية بمظهر الراعية للريع الحامية للإمتيازات ، وهو عند بن الصديق " النابع من الجمع بين السلطة و المال، حيث يهيمن المخزن المالي على الرياضة والثقافة و الفن و القضاء و كل شيء من طرف شخص وصفه السيد بنكيران بنعت المفسدين الذين يفسدون في الأرض و لا يصلحون، في الفيديو الشهير خلال الحملة الانتخابية " ! فإذن أنت وصفت فسادا بشكل عام، ومن قرأ مقالك لا يخرج بغير الفكرة العامة: ثمة فساد في المغرب باسم الملكية ! وهذا لا جدة فيه ولا إضافة ما يجعله من جنس الكلام المعاد والمكرر أو كلام الكليشيه ، ثم لماذا لمْ تساءِل حكومة " المعقول " و رئيسها وهو قريب منكم، هل يستطيع محاربة هذا الفساد العام ، هل يستطيع نشر لائحة بأسماء هؤلاء المفسدين كبار، بطانة السوء أهل الشر الذين يسيئون للوطن وللملكية على غرار نشر السيد وزير التجهيز للائحة المستفيدين من الريع الاقتصادي الذي اعتبرته وجها من وجوه الفساد، وهل يستطيع فتح تحقيق في ثرواتهم؟ و أخيرا، هل يستطيع تنظيم نقاش مباشر على التلفزة حول المعطيات و الوقائع و الأرقام، و ما أكثرها، التي وردت في كتاب الفرنجة ؟ [email protected] www.anrmis.blogspot.com