قال مصطفى اليحياوي، أستاذ الجغرافية السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية إن السلطات في دول منطقة شمال أفريقيا استفادت من تجربتها في محاربة الأوبئة لمواجهة جائحة فيروس كورونا، معتبرا أن النص الذي استندت إليه السلطات في المغرب للتدخل في مواجهة الجائحة قديم يعود إلى سنة 1967. وضمن ندوة حول "تمفصلات الديمقراطية والتنمية وحقوق الإنسان في سياق الأزمة-حالة شمال أفريقيا"، من تنظيم مركز الدراسات والأبحاث في العلوم الاجتماعية، الأحد، أورد اليحياوي أن "توفر بلدان المنطقة على طقوس للتأقلم مع الأوبئة، وتحديث الجيش والداخلية في بلدان المغرب وتونس ومصر بالأجهزة الإلكترونية الحديثة للرصد المجالي ومعدات مخبرية عالية الجودة، ساعد القطاع الصحي على عملية الرصد العملي للتحكم في الانتشار الجغرافي للوباء والتطويق السريع له". وردّ الأستاذ الباحث التحكم في الكلفة البشرية للوباء إلى "البداهة الإدارية والآلية، وهي الخروج من التدبير المدني للأزمات المبني على المسؤولية السياسية والقانونية إلى التدبير الأمني المبني على المسؤولية الإدارية والتقنية للسلطات العمومية في السياقات الاستثنائية، أي الحرب، وضرورة الحماية من العدو باعتبارها إطارات فوق المحاسبة السياسية". ومن بين الخلاصات التي وصل إليها اليحياوي، ضعف التضامن بين المنظمات الإقليمية في شمال إفريقيا، وعدم قدرة الدول على التحكم في دورة إنتاج الأجهزة الطبية، مشيرا إلى أن "هذه الدول تعرف هوة رقمية على مستوى الذكاء الصناعي واستخدامه في تدبير الأزمة الصحية". وفي الوقت الذي أكد فيه أستاذ الجغرافية السياسية بجامعة الحسن الثاني بالمحمدية على سرعة تأقلم الصين مع سياق الأزمة، نبه إلى "بروز نمطين في تدبير الأزمة؛ أولهما أوروبي أمريكي، والثاني يعود لعدد من الدول النامية والصاعدة ويتأسس على استعجالية التدخل". وعلى المستوى القيمي والسوسيولوجي، أوضح اليحياوي أن تكثيف العلاقات المجتمعية في المجتمع الحديث خارج البيت قد أفقد الأفراد القدرة على المكوث لمدة أطول في المجال الحميمي، مشيرا إلى حاجة دول مجتمعات شمال إفريقيا إلى الدولة الراعية ونظام اجتماعي لتدبير قطاع الصحة خارج تقلبات السوق. وفي هذا الصدد، توقع أستاذ التعليم العالي أن تستمر مخاطر الوباء على الأقل إلى نهاية آخر السنة المقبلة 2021، وهو تاريخ تعميم اللقاح، موضحا أن "الحياة الاجتماعية لن تعود إلى ما كانت عليه، وستتأثر جميع الأجندات الانتخابية وسيتقلص الاستهلاك وينكمش الاقتصاد العالمي".