انهارت كلّ المبادرات الدّاعية إلى إعادة بناء تكتّل مغاربي مع استمرار عقيدة "العداء" التي يكنّها النّظام الجزائري اتجاه المغرب، لاسيّما بعد الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة الكركرات، ووقوف الجارة الشّرقية مع خيار "الانفصال" في الصّحراء، لتؤجّل بذلك طموحات وحدة مغاربية إلى وقتٍ لاحقٍ. وأظهرت عملية "الكركرات" الأخيرة أنّ لا أمل في عودة الصّرح المغاربي في المرحلة الرّاهنة، في وقت تتحرّك فيها أصوات البنادق في الصّحراء مع استمرار جبهة "البّوليساريو" في مخطّطاتها ووقوف النّظام الجزائري إلى جانب الانفصاليين. ومنح المغرب متّسعاً من الوقت للجانب الجزائري لدراسة المبادرة التي تقدّم بها الملك محمد السادس في خطاب المسيرة سنة 2018، وهي مبادرة لفتح حوار مباشر وبدون شروط، عبر لجنة سياسية مشتركة، تنكب على جميع القضايا دون استثناء، من أجل تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية وتجاوز حالة الجمود غير الطبيعية التي تطبع واقع هذه العلاقات. ويرى محمد اليازغي، الوزير السّابق والقيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشّعبية، أنّ "الانفصال في الصّحراء وصل إلى الباب المسدود، ولم يعد أمامه سوى قبول صوت الحكمة والعمل على بلورة حلّ متوافق عليه تحت السّيادة المغربية"، مبرزاً أنّ "قرار مجلس الأمن واضح، والمليشيات باتت تتحرّك بدون أيّ رؤية أو إستراتيجية". وشدّد اليازغي على أنّ "القوات المسلحة تدرّبت وتسلّحت بالعتاد، وستعمل على حماية التّراب الوطني أمام أيّ محاولات الانفصاليين"، مبرزا أنّ "كل محاولات البوليساريو باءت بالفشل وهم بذلك وصلوا إلى الباب المسدود". وقال الوزير السّابق والقيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشّعبية، في تصريح لجريدة هسبريس الالكترونية، إنّ "الجزائر كانت دائما ضدّ استرجاع المملكة لأقاليمها الجنوبية، وعملت جاهدة على عرقلة ذلك"، مورداً أنّ "الموقف الجزائري المعادي للطّرح الرّسمي المغربي يعطّل مشروع إعادة بناء صرح مغاربي". واعتبر اليازغي أن "المغرب مدّ يده للجزائريين من أجل تجاوز الخلافات والعمل معا من أجل المستقبل، ودعا إلى بناء صرح مغاربي بدون أيّ مشاكل؛ لكن الجزائر فضّلت الاستمرار في الإضرار بمصالح المغرب ووحدته التّرابية". وعلى الرّغم من أنّ الخارجية الجزائرية أخذت مسافة من التّطورات الأخيرة التي شهدها معبر "الكركرات" مكتفيةً بدعوتها الأطراف المتنازعة إلى الهدوء والأمم المتّحدة إلى استصدار موقفٍ في الموضوع، فإن بعض الأطراف المحسوبة على النّظام ما زالت تهاجمُ مصالح المغرب، في خطوة تعكس توجّس الأوساط الرّسمية الجزائرية من تحركات المملكة.