لم يدم صبر، أو بالأحرى ربيع البيروقراطية داخل الاتحاد المغربي للشغل طويلا. فها هي في الاجتماع الأخير للجنتها الإدارية (05/03/2012) تكشر عن أنيابها وتطرد المناضلين وتدمر/تخرب قلع المعارضين (حل الاتحاد الجهوي للرباط سلاتمارة)... إن البيروقراطية قد أدركت ومنذ زمن بعيد، أن استمرارها رهين بقتل أي شكل من أشكال الديمقراطية داخل الاتحاد، وهو ما نفذه حرفيا وباعتزاز، وبدون خجل، زعيمها الراحل المحجوب. أما غير ذلك، أي "تعايش" البيروقراطية والديمقراطية (المفارقة أو الوصفة الغريبة والعجيبة)، فقد فرضته ظرفية انتقال "السلطة" من المحجوب الى موخاريق الميلودي. فهل كان في صالح البيروقراطية رفع التحدي مباشرة بعد وفاة المحجوب؟ طبعا، لا. لماذا؟ ببساطة، لأنها مورطة من رأسها حتى أخمص قدميها في جرائم لا تحصى، وحتى النظام، حينذاك، لم يكن مستعدا للمجازفة بنصرتها. لنترك جانبا مسؤوليتها على إجهاض المعارك النضالية للعمال، بل وقتلها لهذه المعارك وتشويهها، ماذا عن مالية الاتحاد؟ أليس من حق العمال معرفة الحقيقة، معرفة مآل عرقهم وكدهم ومستقبلهم؟ إن الأمر الآن يتجاوز حق العمال في معرفة الحقيقة، إنه من حق الشعب المغربي قاطبة معرفة الحقيقة، داخل الاتحاد وداخل باقي الإطارات، سواء النقابية أو الحزبية... إن البيروقراطية، وبعد أن ثبتت أقدامها وقوت عضلاتها في غفلة من "الديمقراطية"، وبعد أن رتبت أوراقها، قد كشرت عن أنيابها وكشفت حقيقتها. ولأن النظام القائم لا يمكن إلا أن يسندها، كإحدى دعامات قوته واستمراريته، فستزداد شراستها وتطلعها الى إحكام قبضتها على الاتحاد، شكلا ومضمونا، ماديا ومعنويا... لا يخفى أن قوة البيروقراطية مستمدة من دعم النظام، شكلا ومضمونا، ماديا ومعنويا، قديما وحديثا. ومن الطبيعي أن تستعجل البيروقراطية، رغما عنها، الحسم لفائدة مشاريعه، وعلى رأسها قتل أي نهوض للعمال والفلاحين الفقراء وأوسع الجماهير الشعبية الكادحة، وإقبار حركة 20 فبراير، بكل ما تعنيه من ديمقراطية وتحرر من قيود العبودية والاستغلال والقهر والاضطهاد، وما ترمز إليه من خلاص من الاضطهاد... وإذا كان الأمر هكذا بالنسبة للبيروقراطية والنظام، ماذا عن الديمقراطية والديمقراطيين؟ طبعا، لا يمكن إرساء الديمقراطية إلا على أنقاض البيروقراطية بكل أشكالها، سواء السلسة أو الشرسة. ولأن البيروقراطية قد كشرت عن أنيابها، فهل للديمقراطية أنياب؟ إنه من الخطأ الجسيم الاعتقاد أنه لا أنياب للديمقراطية. إن دحر البيروقراطية يستدعي المواجهة النضالية (الحق في المقاومة). وهنا تكمن قوة الديمقراطية، وهنا يمكن الحديث عن أنياب الديمقراطية... لقد بدا واضحا أن التعايش مع البيروقراطية لم يعد ممكنا، بأي شكل من الأشكال. لقد دقت ساعة الفرز، ربما قبل الأوان، لكن لا مفر، ويجب الاستعداد لذلك (منطق الصراع)...