بحرقة وصدمة يحكي مبارك خردي، والد الرضيع الذي بُترت يده بمستشفى في زاكورة، لهسبريس الإلكترونية، تفاصيل هذا الحادث الذي هز المنطقة مطلع الأسبوع الجاري، قائلا: "عندما شعرت زوجتي بآلام المخاض قمت بنقلها رفقة والدتي إلى مستوصف تازارين، حيث وصلنا وقت الظهر تقريبا، يوم الجمعة 5 نونبر، فكشفت الطبيبة على زوجتي وأخبرتنا بضرورة نقلها نحو زاكورة". من تازارين إلى زاكورة خردي، الذي قطع رفقة زوجته الحامل 20 كيلومترا من أيت عثمان، حيث لا يوجد أي مركز صحي بإمكان الحوامل أن يقصدنه، نحو تازارين، حيث يوجد مركز صحي تقصده كل ساكنة خمس جماعات قروية، تم توجيهه نحو زاكورة ليقطع 136 كيلومترا إضافية كي تتمكن زوجته من وضع مولودها، موردا: "وصلنا مركز زاكورة قرابة العصر، وولجنا مستشفى الدراق، فتم إدخال زوجتي للوضع، وبقيت أنا ووالدتي في انتظار خبر وضعها". ويزيد المتحدث ذاته: "رأيت ممرضة تخرج من تلك القاعة فسألتها، لتخبرني أن المرأة لم تضع مولودها بعد، لكنها تداركت بلغة بين الشك واليقين بأن الجنين غالبا مُتوفى، وأنها حاليا غير متأكدة من ذلك". ويُلملم مبارك خردي بصعوبة تفاصيل يوم طويل بدأه بحلم أن يكون أبا لمولود لينتهي بأحداث لم يسبق أن تخيل أن يكون من ضحاياها، فيقول: "انتظرت حتى وصل وقت المغرب، لكن لا جديد، وانتظرت إلى وقت العشاء فطرقت الباب نفسه من جديد لعلي أسمع خبرا، فقالت لي الممرضة نفسها إن زوجتي لم تضع بعد، وإذا تطلب الأمر ستخضع لعملية جراحية، وعلي الذهاب والعودة صباحا". عملية جراحية ليلة الجمعة الماضي 6 نونبر اضطر الرجل إلى مغادرة المستشفى وهو يعتقد أن زوجته وجنينها في أياد آمنة، في انتظار الصباح، ليعود رفقة والدته إلى مستشفى زاكورة صباح السبت، للاطمئنان على حالة امرأة قطعت ما يزيد عن 170 كيلومترا لتضع مولودا لم يصرخ، ويستطرد: "في الثامنة صباحا من يوم السبت دخلت إلى المستشفى، وطرقت الباب نفسه، فخرجت منه السيدة نفسها، وأخبرتني بأن زوجتي وضعت مولودا ميتا بعد عملية جراحية". ويضيف المتحدث وهو يغالب وجعه: "لم تسمح لي بالدخول لرؤيتها، لكنها سمحت لوالدتي بذلك؛ وحتى عندما سمحت لي بزيارتها كانت زوجتي متعبة جدا، وكلما طلبت منهم تسليمي جثة ابني كانوا يقولون لي ليس الآن، فالطبيب غير موجود هذه اللحظة؛ كذلك الأمر بالنسبة لزوجتي، التي عندما طلبت منهم أن ترى المولود ولو ميتا، رفضوا". وقضى مبارك خردي الجمعة والسبت في زاكورة، وعاد صباح الأحد إلى المستشفى لمواصلة المعاناة نفسها، ويقول في هذا الصدد: "يوم الأحد صباحا لم يُسمح لنا مرة أخرى بالدخول لرؤية الزوجة، إذ اكتفوا بإيصال ما كنا نحمله إليها، وكنت كل مرة أطلب منهم أن يسلموني الجنين دون جدوى، إلى حدود يوم الإثنين". ويردف المتحدث ذاته: "عدت صباح الإثنين، وجلست أنتظر أمام إدارة المستشفى إلى حدود الزوال، وكان الجواب نفسه هو ما أتلقاه منهم: لا يوجد طبيب الآن، وهو الذي سوف يوقع الإذن بإخراج جثة ابنك". ويواصل مبارك، ابن أيت عثمان، سرد قصته التي اهتزت لها المنطقة قائلا: "عدت مساء الإثنين، ولم يُسمح لي أصلا بالدخول إلى المستشفى، حيث منعني الحراس من ذلك، وفجأة رن هاتفي، حيث اتصل بي شخص يخبرني بأن مندوب الصحة يريدني، وقتها سمحوا لي بالدخول، وبقيت أنتظر إلى أن اقترب مغرب يوم الإثنين 9 نونبر". صدمة كبيرة يحكي خردي بألم كبير صدمته الكبيرة وهو يستمع إلى المسؤول الذي أخبره بأن الرضيع المتوفى قد بترت يده في ظروف غامضة، موردا: "كنت مذهولا لا أعرف أين أنا، فالمسؤول يقول لي إن يد الرضيع بترت في ظروف مجهولة، ويعبر عن أسفه، كما أخبرني بأن الطبيب قدم شكاية لدى الأمن لفتح تحقيق في قطع يد الجنين المتوفى"، وزاد: "لما خرجت من مكتبه وأنا لا أعرف وجهتي استوقفي شخص قدم لي نفسه بأنه من الأمن، ورافقته لأسرد عليه تفاصيل هذا الحادث الأليم وكلي أمل في أن ينصفوني". شكاية لوكيل الملك وخوفا من أن تطوى قضيته وتُسجل ضد مجهول، قصد مبارك خردي الوكيل العام لمحكمة الاستئناف بورزازات، أمس الثلاثاء، وقدم شكاية مكتوبة، يطلب فيها التحقيق لمعرفة الحقيقة. وطالب الرجل المكلوم في فلذة كبده في هذه الشكاية، التي تتوفر هسبريس على نسخة منها، ب"تشريح الجثة لتحديد أسباب الوفاة إن كانت طبيعية أو قتلا مع قطع اليد"، مؤكدا في الوثيقة نفسها أن "العائلة كلها تعرضت لنكسة نفسية وصدمة خطيرة"، وأن الأم التي فقدت مولودها في ظروف غامضة "تعيش الآن ظروفا صحية ونفسية خطيرة".