عبّر جان إيف لودريان، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، اليوم الاثنين، عن قلق فرنسا بشأن التطورات الجارية في معبر الكركرات الحدودي بعد إغلاقه من قبل عناصر جبهة البوليساريو الانفصالية. وأضاف لودريان، خلال تصريح صحافي مشترك مع وزير الخارجية ناصر بوريطة بالرباط اليوم، أن فرنسا تعبر عن "قلقها البالغ" بشأن التطورات الواقعة في معبر الكركرات الحدودي، وقال في الصدد ذاته: "نحن منشغلون جداً بالتطورات الحالية". وأشاد وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، في تعليقه على التطورات الجارية، بحكمة المغرب وتحليه بضبط النفس في مواجهة استفزازات جبهة البوليساريو. وجددت فرنسا على لسان وزير خارجيتها تأكيدها على دعمها لمبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية، وشدد لودريان على أن باريس تعتبر مبادرة الحكم الذاتي "جدية وذات مصداقية" لإنهاء هذا الصراع، مضيفا أن فرنسا تدعم إيجاد "حل سياسي عادل ودائم ومتوافق بشأنه" تحت مظلة الأممالمتحدة. ويأتي موقف فرنسا، العضو بمجلس الأمن الدولي، بعد الرسائل الواضحة التي وجّهها الملك محمد السادس، في خطاب الذكرى الخامسة والأربعين للمسيرة الخضراء، بخصوص إغلاق جبهة البوليساريو الانفصالية لمعبر الكركرات الحدودي؛ فقد أكد رفض المملكة "القاطع للممارسات المرفوضة، لمحاولة عرقلة حركة السير الطبيعي بين المغرب وموريتانيا، أو لتغيير الوضع القانوني والتاريخي شرق الجدار الأمني، أو أي استغلال غير مشروع لثروات المنطقة". وأشار الملك محمد السادس إلى أن المغرب، "كما كان دائما، متشبثا بالمنطق والحكمة؛ بقدر ما سيتصدى، بكل قوة وحزم، للتجاوزات التي تحاول المس بسلامة واستقرار أقاليمه الجنوبية". ومن جهة ثانية، وصف جان إيف لودريان، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، العلاقة مع المغرب ب"الاستثنائية"، مشيرا إلى أنه تطرق مع نظيره المغربي إلى قضايا متعددة ذات الاهتمام المشترك. وأشاد لودريان بدور المملكة المغربية في حلحلة النزاع الليبي من خلال حوارات بوزنيقة، وهنأ المغرب على مجهوداته لإعادة الحوار السياسي الليبي تحت رعاية الأممالمتحدة؛ لكنه قال إن التفاؤل في ليبيا يبقى حذرا من خلال تجارب دولية سابقة. وبخصوص الجدل الواسع الذي أثارته تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أعقاب الرسومات المسيئة إلى النبي محمد، شدد لودريان على أن فرنسا ليست ضد حرية المعتقد وتستقبل أول جالية مغربية من الخارج. وأكد المسؤول الحكومي الفرنسي من العاصمة الرباط أن حرب فرنسا "ليست ضد الدين الإسلامي الذي تحترمه، بل ضد الإرهاب والإيديولوجيات المتطرفة"، مضيفا أن الجمهورية الفرنسية "تحترم النموذج المغربي للإسلام، الذي يقوده أمير المؤمنين الملك محمد السادس". وبعد الإدانة الواسعة في عدد من الدول العربية والإسلامية وإطلاق حملات واسعة لمقاطعة المنتوجات الفرنسية، تراجع الرئيس ماكرون عن تصريحاته وقال إنه جرى تفسيرها بشكل خاطئ، نافياً أن تكون فرنسا قد أعلنت الدخول في حرب ضد الإسلام بل في مواجهة ضد التطرف والإرهاب. والتقى جان إيف لودريان، وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي، صباح اليوم الاثنين، أحمد التوفيق، وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية. كما يقوم المسؤول الحكومي الفرنسي بزيارة معهد محمد السادس لتكوين الأئمة المرشدين والمرشدات بالرباط، في إطار جهود التفسير وتنقية الأجواء التي تباشرها فرنسا لشرح موقف فرنسا من الدين الإسلامي وتبديد سوء الفهم الذي وقع مع دول العالم العربي والإسلامي.