في وقت تُروج فيه جبهة البوليساريو لمزاعم حول عدم استفادة ساكنة الصحراء من الثروات الطبيعية الموجودة بالمنطقة، فإن عائدات شركة "فوسبوكراع" المتواجدة في مدينة العيون، المملوكة للمكتب الشريف للفوسفاط، تُستثمر مائة بالمائة في تنمية الأقاليم الجنوبية الثلاثة. فوسفاط الصحراء على بعد حوالي 20 كيلومتراً خارج مدينة العيون، وبالضبط بالجماعة الحضرية المرسى، تُوجد منصة صناعية ضخمة لفوسبوكراع تمتد على مساحة 36 هكتارا، لتحويل الفوسفاط المستخرج من منجم بوكراع الذي يبعد عن العيون بحوالي 100 كيلومتر، ويتم جلبه عبر حزام ناقل للفوسفاط طوله 100 كلم، وهو الأطول في العالم. جريدة هسبريس الإلكترونية قامت بزيارة إلى شركة فوسبوكراع في إطار زيارة صحافية نظمتها ولاية جهة العيون الساقية الحمراء للوفد الصحافي الوطني والدولي الذي قام بتغطية حدث افتتاح قنصلية الإماراتبالعيون، وذلك للوقوف على المشاريع التنموية الكبرى التي كان الملك محمد السادس قد أعطى انطلاقتها في سياق النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية. وتحرص شركة فوسبوكراع على احترام التدابير الوقائية ضد فيروس كورونا، حيث أقامت منصة للشحن وإعادة الشحن بمدخل مدينة المرسى يتم من خلالها تطهير وتعقيم الشاحنات من خلال بوابة خاصة بذلك، لتجنب مخاطر انتشار الفيروس بها. وتبلغ قيمة المشاريع المرتبطة بفوسبوكراع، التي كان الملك محمد السادس قد دشنها، ما مجموعه 20 مليار درهم، تستثمر كاملة في الأقاليم الجنوبية، منها برنامج صناعي ضخم بقيمة تقارب 17 مليار درهم، موزعة على استخراج ومعالجة الفوسفاط ومنصة لإنتاج الأسمدة وبناء ميناء جديد للتصدير والاستيراد. وتقوم فوسبوكراع بتطوير منجم بوكراع الذي لا تتجاوز احتياطاته 2 بالمائة من الاحتياطي الوطني، ويتوفر بوكراع على قدرة إنتاجية سنوية تصل إلى 3 ملايين طن. لكن بُعد هذا المنجم عن مدينة العيون بحوالي 100 كلم، إضافة إلى الصعوبات الجغرافية المرتبطة بخصوصيات المنطقة، يجعل كلفة الاستخراج به تفوق 2.5 بالمائة كلفة الاستخراج بباقي مناجم المجموعة عبر التراب الوطني. ويمتلك المغرب من الاحتياط العالمي من الفوسفاط الذي يساوي 70 مليار طن ما نسبته 70 بالمائة، أي إن المملكة توفر لوحدها 50 مليار طن من الفوسفاط وطنياً، أساسا في منطقة خريبكة (43 بالمائة) ومنطقة الكنتور (37 بالمائة) ومنطقة مسقالة (18 بالمائة)، فيما يمثل احتياطي فوسبوكراع في الجهات الجنوبية الثلاث 2 بالمائة فقط. تنمية الساكنة تسهر فوسبوكراع، وفق عروض قدمها مسؤولو الشركة بالعيون للوفد الصحافي، على إنجاز مشاريع اقتصادية وصناعية واجتماعية ضخمة كان العاهل المغربي قد أعطى انطلاقتها في 2015 في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية. وخلافاً لما تروجه جبهة البوليساريو بخصوص عدم استفادة ساكنة الصحراء المحلية من ثورات المنطقة، فإن شركة فوسبوكراع العيون تعد المشغل الأكبر بالمنطقة بحوالي 2200 عامل، 75 بالمائة منهم من أبناء المنطقة، علما أنه في سنة 1977 كانت نسبة الساكنة الصحراوية المشتغلة بالشركة تمثل 4 بالمائة فقط، بالإضافة إلى وجود عمال من الأقاليم الجنوبية يشتغلون في مراكز "OCP" بخريبكة وآسفي والجديدة. كما يرتقب أن تمكن مشاريع اجتماعية وصناعية لمجموعة "OCP" في طور الإنجاز بالمنطقة من خلق 5080 منصب شغل مباشر وغير مباشر لفائدة ساكنة الأقاليم الجنوبية. وفي سنة 2014، تم إنشاء مؤسسة فوسبوكراع بهدف المساهمة في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للجهات الثلاث الجنوبية بالمغرب، من خلال تعزيز مهارات وقدرات الساكنة المحلية وتنفيذ مشاريع هيكلية. وتقود مؤسسة فوسبوكراع مشروعًا تنمويًا مهمًّا، هو تكنوبول فم الواد، حيث يتمّ تشييد حاضرة المعرفة على مساحة 600 هكتار على بعد 18 كلم من مدينة العيون، باستثمارات قدرها 2 مليار درهم. ويراعي هذا القطب التكنولوجي، سواء من حيث تصميمه أو مهامه، الخصائص الإقليمية للمنطقة وبلدان جنوب الصحراء، وسيوفر 1200 وظيفة دائمة. ويتمحور المشروع، الذي زارته هسبريس، حول 3 أقطاب هي قطب للمعرفة والأبحاث حول القضايا المتعلقة بالبيئة الصحراوية، وقطب لريادة الأعمال لدعم التنمية الاقتصادية للجهات الجنوبية، وقطب للحياة يتضمن بنية للثقافة والترفيه والصحة والمحافظة على البيئة (متحف، قرية تجارية وحرفية، فنادق، إلخ). ويسعى هذا المشروع المعرفي إلى استقطاب 2500 طالب و300 باحث في إطار جامعة محمد السادس متعددة التخصصات المتواجدة بالمنطقة ذاتها، وستصبح بمثابة مركز للمعرفة والبحوث في خدمة القارة الإفريقية، وأساسا مجالات العلوم والتقنيات الخاصة بالمناطق القاحلة والصحراوية. وتعمل مؤسسة فوسبوكراع أيضا على تعزيز النسيج الصناعي المحلي من خلال دعم مئات المقاولات المحلية في أكثر من 20 نشاطا، ناهيك عن دعم التعاونيات المحلية ومشاريع الشباب، وتحسين دخل وظروف عيش المزارعين الصغار والرعاة. وحسب مشروع قانون المالية 2021، فإن الاستثمارات في جهة العيون الساقية الحمراء تأتي في المرتبة الثانية ب6.7 مليارات درهم، أي 29 في المائة من إجمالي حجم الاستثمارات المبرمجة. وتشهد مدن الصحراء، في السنوات الأخيرة، نهضة تنموية غير مسبوقة في إطار النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، الذي عرفت انطلاقته توقيع العديد من الاتفاقيات الإطار أمام الملك محمد السادس بتكلفة إجمالية أولية بلغت 77 مليار درهم، وقد تم رفع هذه الميزانية إلى ما يناهز 85 مليار درهم حالياً. ويتضمن هذا البرنامج الكبير عدداً من المشاريع المهيكلة التي تهدف، على وجه الخصوص، إلى تعزيز البنية التحتية والشبكات وتحفيز الاستثمار الخاص، ودعم مشاريع التنمية البشرية والاجتماعية، وتثمين الثروات الطبيعية، وتشجيع الثقافة على مستوى الجهات الثلاث (العيون الساقية الحمراء، والداخلة وادي الذهب، وكلميم واد نون). وحسب معطيات مشروع قانون المالية المعروض على أنظار البرلمان، فقد تم، إلى غاية مارس 2020، إنجاز 158 مشروعا بالأقاليم الجنوبية بكلفة إجمالية قدرها 11.68 مليار درهم، في حين يوجد 318 مشروعا قيد الإنجاز بكلفة مالية قدرها 40.64 مليار درهم.