هل انتهت صلاحية بعثة المينورسو؟ ما دور الوحدات العسكرية الدّولية المتاخمة للحدود إذ لم تتدخّل لإرجاع الاستقرار في المنطقة العازلة وتجاوز حالة الفوضى الكبرى التي تعرفها الكركارات؟ نموذجان من أسئلة تطرح بقوّة في خضمّ ركون البعثة الدّولية إلى لعب دور "المتفرّج" في نزاعِ الصّحراء. وساهم عدم تعيين مبعوث أممي إلى الصّحراء في عرقلة عمل بعثة "المينورسو"، التي لم يعد عملها يتحدّد إلا في القيام بزيارات ميدانية من أجلِ الاطلاع على آخر تطورات المنطقة، بينما يبدو أنّ الوضع في الصّحراء تجاوزَ عمل البعثة في ظلّ تمادي الجبهة في استفزازاتها. وتمكنت البعثة الأمريكية إلى الأممالمتحدة من الحصول على تفويض لتجديد دور بعثة "المينورسو" لعام جديد؛ لكن تهاون الأخيرة في القيام بدورها المعهود يطرحُ عدة أسئلة، خاصة أن الوضع في الصّحراء مقبل على الانفجار. وعلى مدى أزيد من 27 سنة، حاولت بعثة "المينورسو" وعدد من مبعوثي الأممالمتحدة إلى الصحراء التوسط لإيجاد حل لهذا النزاع طويل الأمد، الذي يؤثر على العلاقات المغربية الجزائرية، في حين تركت موريتانيا النزاع جانباً، واستمرت جبهة البوليساريو في محاربة المملكة إلى أن توصلت الأممالمتحدة إلى وقف إطلاق النار عام 1991. ويعتقد المحلّل والخبير في العلاقات الدّولية هشام معتضد أنّ بعثة "المينورسو" في طور استنفاد مهامها في منطقة الجنوب الغربي؛ "ذلك أن دورها يفقد فعاليته في خضم تسلسل الأحداث السياسية والدبلوماسية المرتبطة بهذا النزاع المفتعل". وأوضح المحلّل ذاته المقيم في كندا أنّ "قيام البعثة بمراقبة الوضع دون أدنى إدانة للتطورات الأخيرة على المستوى الميداني من طرف جبهة البوليساريو يطرح تساؤلات حول الدور الإيجابي المخول لهذه البعثة الأممية في مهمتها في منطقة الصحراء"، مبرزاً أنّه "بعد قرار مجلس الأمن الدولي، بناء على اقتراح أمريكي، قررت قيادة البوليساريو مواصلة التصعيد بعيدا عن توجهات مجلس الأمن". وشدّد المحلل ذاته على أنّ "مجلس الأمن دعا إلى التوصل إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم، أمام الأعمال التخريبية التي تقوم بها عناصر البوليساريو، والتصعيد السياسي لقيادتها، بالإضافة إلى عدم احترام أدنى أبجديات التواصل الدبلوماسي في خطاباتها". وقال المتحدث ذاته إنّ "بعثة المينورسو مطالبة، أكثر من أي وقت مضى، بمراجعة دورها كمراقب إيجابي، وذلك بغية قيامها بمهمتها الأممية في المنطقة، لترجمة رغبة مجلس الأمن في الوصول إلى حل سياسي واقعي وعملي ودائم". واعتبر معتضد أنّ "مراقبة الوضع دون أدنى إدانة للتطورات الخطيرة التي عرفتها منطقة الكركارات، أو التصعيد التخريبي التي تسعى إليه قيادة البوليساريو، سينعكس سلبا على دور بعثة المينورسو في هذا النزاع المفتعل، ويشكل عائقا جاداً أمام الوصول إلى تسوية أممية لإنهاء النزاع". واستطرد المحلل ذاته بأنّ "تطبيق القرار الأممي الذي دعا إلى استئناف المشاورات بين جل أطراف النزاع رهين بشخصية المبعوث الشخصي المقبل للأمين العام للأمم المتحدة، إذ إن تدبير هذا النزاع ونجاح مهمة مجلس الأمن مرتبطين كثيرا بشخصية المبعوث الأممي والتوافق الذي يحظى به لدى جل الأطراف المعنية بالملف".