يسير قطاع الصحة العمومية نحو الدخول إلى النفق المظلم من جديد، وتعطيل حق المواطنين في الولوج للخدمات الصحية، بسبب الاحتقان المتزايد في القطاع، والذي أسفر عن إعلان المهنيين عن الدخول في إضرابات متكررة، قد تزداد حدة في حال استمرار الوزارة الوصية في تجاهل أصواتهم وعدم التفاعل مع مطالبهم. فمع جلوس الوزير الجديد أمين التهراوي على كرسي وزارة الصحة قادما من تسيير شركات أخنوش وزوجته، التي لا علاقة لها بالصحة، بدأ الاحتقان يتسيد المشهد، خاصة وأن النقابات الصحية تؤكد مراسلتها له وعدم تجاوبه مع المراسلات، ولا عقده لقاءات للحوار ولا الشروع في تفعيل ما اتفق عليه سلفه خالد آيت الطالب مع ممثلي مهنيي هذا القطاع الحساس الذي يتصل مباشرة بأرواح المواطنين.
هذا المشهد، دفع التنسيق النقابي إلى خوض إضراب وطني ووقفة احتجاجية إنذارية أمام مقر وزارة الصحة بالرباط يوم الأربعاء الماضي، لكن عدم تجاوب المسؤولين الحكوميين، دفع بالتنسيق الذي يضم ست نقابات إلى الإعلان، أمس السبت، عن تصعيد جديد بشل المستشفيات العمومية، في نهاية يناير الجاري ومطلع شهر فبراير المقبل، في إضرابين متتاليين. وقال التنسيق في بلاغ له إنه ونظرا لاستمرار الصمت الرهيب لوزارة الصحة والحكومة، وعدم الوفاء بالالتزامات، وتلبية مطالب الشغيلة بداية بتنفيذ اتفاق 23 يوليوز 2024، فقد تقرر خوض إضرابات وطنية أيام 29 و 30 يناير و 4 و 5 و 6 فبراير 2025. وعبر التنسيق عن غضبه من نهج الوزارة والحكومة تجاه الملف المطلبي العادل والمشروع للشغيلة الصحية، والتهرب والتماطل وعدم الوفاء بالالتزام بتنزيل كل نقط اتفاق 23 يوليوز، الموقع بين التنسيق النقابي والحكومة منذ حوالي 6 أشهر. وتأتي الخطوة التصعيدية، حسب التنسيق، احتجاجا على صمت الوزارة المريب، وعدم تدخل الحكومة لتنفيذ ما التزمت به من اتفاق ومن خطاب حول تثمين الموارد البشرية، حيث بات هذا الخطاب للاستهلاك بدون معنى وبدون تفعيل. وتوقف ذات المصدر على التعامل السلبي للحكومة وإدارتها الجديدة على رأس وزارة الصحة مع موضوع تنفيذ الاتفاق، وهو التعامل الذي يُرَجِحُ احتمال تغييرها للأوليات على مستوى قطاع الصحة الاجتماعي بامتياز، ووضع "تثمين الموارد البشرية" في آخر ترتيب أولوياتها، وإعطاء الأسبقية لأجندات أخرى تخدم أهداف أخرى بعيدة عن ضمان الحق في الصحة لكافة المواطنين وعن الاستجابة لانتظارات ومطالب الشغيلة الصحية مادامت لم تبق أولوية. واعتبر التنسيق أن ما يعيشه قطاع الصحة حاليا من احتقان واستياء وانحسار وانسداد وترقب وانتظار وغياب رؤية واضحة وحكامة، وتدبير مُلتَبِس، لا يبشر بالخير. وانتقدت النقابات الصحية عدم استيعاب الحكومة وإدارتها الجديدة الدرس من الحراكات السابقة، والتقاطها لما عبر عنه التنسيق النقابي في لقائه مع الوزير، ولم تحسن التعامل مع مهنيي الصحة وممثليهم، ولم تعط أية إشارة إيجابية من شأنها أن تطمئن الشغيلة على مستقبلها وعن تحسين أوضاعها، بل فقط ممارسات سلبية وتأخير غير مفهوم في تنفيذ اتفاق يوليوز 2024 . وأكد التنسيق أنه لا يمكنه السكوت على هذا التماطل وعدم تنزيل الاتفاق ويرفض إعادة النقاش من جديد، وأعلن عن الإضرابات الجديدة التي ستشمل كل المؤسسات الصحية باستثناء أقسم المستعجلات والإنعاش. ولوّح مهنيو الصحة، في حالة عدم الاستجابة لمطلب تنفيذ كل الاتفاق، بالاتجاه إلى المزيد من التصعيد بإضرابات متتالية وبوقفات ومسيرات احتجاجية إقليمية جهوية ووطنية ومقاطعة البرامج الصحية وعدة خدمات وصيغ نضالية أخرى غير مسبوقة، محملا كل المسؤولية في ذلك للوزارة والحكومة.