في البداية لا بد من الإشارة إلى أن الرسالة هي المراسلة الوزيرية رقم 36 بتاريخ 16/2/2012، و هي رسالة داخلية جاءت بعد اجتماعات بين السيد الوزير ومديرات ومديري الأكاديميات ونائبات ونواب الوزير، مما يوحي بأنها مجرد تذكير وتنزيل " قانوني" لما لقن لهم خلال الاجتماع السابق، رغم أن ما يروج عن الاجتماعات السابقة يؤشر على عدم قبولهم لما أراد السيد الوزير تمريره، بل يروج أنه طلب منهم كتابة رسائل تؤيد ما سيصدره من رسائل، وهي طريقة كانت تسلكها الدولة في السبعينيات والثمانينيات، ورغم أن ما لاحظناه ولاحظه العديد من المسؤولين في جلسات مباشرة مع السيد الوزير يتطلب منا التحليل والتفكير بعقلية السنوات السالفة الذكر؛ فإننا سنعمل على مناقشة الرسالة الوزيرية بمنطق مزجي يمزج بين القديم والحديث. من القراءة الأولية للرسالة 36 نسجل التالي: 1. من الناحية الشكلية: * الرسالة موجهة مباشرة للسادة مديرات ومديرين الإدارة المركزية ومديريات ومديري الأكاديميات ونائبات ونواب السيد الوزير وتستثني المفتشيْن العاميْن. * الرسالة تهم التكوينات المستمرة ولم تشر لأي مرجع سواء القرارات الخاصة بهذا المجال أو المذكرات المفعلة لمشاريع البرنامج الاستعجالي ...إلخ * الرسالة جافة وخالية من أي عبارة تدعو من وجهت لهم بالسهر على تطبيقها أو غير ذلك من العبارات التربوية المعتمد في أساليب المذكرات الخاصة بالإدارة التربوية. 2. من ناحية المضمون الإداري والتربوي: * الرسالة 36 (ترونت سيس): اعتمدت ديباجة غريبة عجيبة في مبرراتها " ... واعتبارا لأهمية التكوينات المستمرة في الارتقاء بالمنظومة التربوية .... يشرفني إخباركم أنه تقرر توقيف عملية التكوينات..." * الرسالة 36 (ترونت سيس): تعتمد منهجية جديدة للتقويم تلغي تقويم المُكَوَّنين خلال فترات استفادتهم من التكوين، و إن كانت ستعتمد تقويم أثر التكوين على المتعلمين، وهي منهجية أساسية لكن غير كافية نظرا لأن الخلل قد يكون في عدم تفعيل ما استفاد منه المُكَوَّن وليس الخلل في التكوين عينه، فإنه من الضروري طرح السؤال التالي: من سيقوم بهذه العملية؟ هل عملية تقويم ما يصل للمتعلمين سيفوض لأطر أخرى غير المفتشين؟ أم ستعتمد الوزارة ما سيصلها من أجوبة على أسئلة الكراس الموجه للسادة النواب والذين طلب منهم الإجابة عنه سريا؟ وهي عملية تحيلنا على سؤال آخر نوجزه كالتالي: هل نواب الوزارة أساتذة ومفتشين وليس من بينهم من لم يمارس التدريس قط؟ بمعنى لهم الخبرة الكافية لتقييم أثر التكوين على المتعلمين...؟ 3. الرجوع إلى السنوات الأخيرة من القرن الماضي: * إن أهم ما جاءت من أجله الرسالة 36 ( ترونت سيس ) هو الفقرة الأخيرة التي تتناقض مع الديباجة وتعتبر التكوينات صنفين على الأقل: 1- الصنف الأول: غير مصرح به لكنه ضمني وهو التكوينات غير الملحة وغير الهامة. 2- الصنف الثاني: مصرح به وهو التكوينات الملحة والهامة مما يعني أن الوزارة في حاجة لها، لكن ينبغي أن تحظى بموافقة السيد الوزير. نعتبر هذه الفقرة مؤشرا واضحا على التالي: * إن تصنيف التكوينات إلى هام وغير هام دون تحديد للمعايير والمؤشرات المعتمدة في هذا التصنيف يفتح الباب على مصراعيه لإعمال المزاجية والتمثلات الإسقاطية لمن خول لنفسه وحده الحكم القطعي عن الأهمية وغيرها، في مجال واسع وصعب خصصت له هيئات متمرسة ولجان علمية ولم تفلح في ضبطه. * حتى إن تخيلنا أنفسنا مع ال (ترونت سيس) كم يكفي السيد الوزير من الوقت للبث في طلبات الجهات والفئات التي يخول لها "القانون" القيام بتكوينات؟ * إن 13 سنة من غياب السيد وزير التربية عن المغرب أخفت عنه ما وصل إليه الوطن من تقدم في مجالات عديدة سواء سياسية واجتماعية وتربوية، مما يلزم المحيطين به أن يعطوه الصورة الحقيقة لموقع المغرب في التطور التدبيري والعلائقي والتشاركي، وأن المغرب قطع أشواطا هامة ومهمة في اللامركزية واللاتركيز، وأنه قاب قوسين أو أدنى من تطبيق الجهوية الموسعة، وتنصيب الحكومات الجهوية والبرلمانات الجهوية... إلخ. * قبل الختام، نلفت انتباه السيد الوزير إلى أن الساحة التربوية تحتاج إلى الاستشارة مع مكونات كثيرة، وأن شركاء المنظومة التربوية أكثر من خمسة؛ كما نلفت انتباه كل شركاء المنظومة أن الإجابة عن بعض هذه التساؤلات جاءتنا سريعة، وفق سرعة السيد الوزير في اتخاذ القرارات، من خلال الرسالة 37 الموجهة لنفس الأشخاص المعنويين بنفس التاريخ 16/2/2012 تحت عنوان " في شأن بيداغوجية الإدماج " التي نسجل تحفظنا على توقيتها و عدم بنائها على دراسات قبلية و عدم إعطائها البدائل، و هو نفس التحفظ الذي نتوخى استنتاجه فيما يخص المراسلة 36. *مفتش تربوي