على حدّ سواء، تدين ناشطات مغربيّات "جميع جرائم العنف الجنسي الذي تتعرض لها النساء"، وتطالِبن بمنع إفلات الأشخاص المتورطين في جرائم الاغتصاب والتحرش والاستغلال الجنسي من العقاب، مع إدانتهنّ "جميع صور استغلال قضايا النساء، وإقحامها زورا في تصفية حسابات سياسية". وورد هذا في عريضة وقّعتها مجموعة من الشّخصيات النسائية المغربيّة؛ من بينها: الحقوقيّة خديجة الرياضي، والصحافية هاجر الريسوني، والناشطة عفاف برناني، والكاتبة نعيمة عبدلاوي، والحقوقيّة فتيحة أعرور، وزوجتا الصحافيين المعتقلين توفيق بوعشرين وسليمان الريسوني أسماء الموساوي وخلود المختاري، والكاتبة نهاد فتحي، والممثلة لبنى أبيدار، وضابطة الشرطة السابقة وهيبة خرشيش. وتعدّ هذه المبادرة أوّل ما نظّمته حركة "خميسة" بعد بيانها التّأسيسيّ مطلع شهر شتنبر الماضي، الذي تحدّث عن القلق المتزايد من "استخدام واستغلال النساء في قضايا كيدية ضد عدد من الصحافيين المستقلّين والنشطاء الحقوقيين، المعروفين بنشاطهم الحقوقي والسياسي وكتاباتهم المنتقدة والمزعجة لجهات واسعة داخل أجهزة الدولة"، واختارت معه الناشطات عدم التّعبير باسم مكشوف "نظرا لصعوبة الوضع الرّاهن بالمغرب في الفترة الأخيرة، وخوفا من التّشهير"، وَفق تصريح سابق لإحدى العضوات المؤسّسات للحركة، فضّلت عدم ذكر اسمها في حديثها مع هسبريس. وتقول العريضة المفتوحة إنّ استغلال قضايا النساء في تصفية حسابات سياسية زورا سوف "يؤدي حتما إلى مزيد من الإضرار بحقوقهنّ"، وسيُسهم في "تعزيز الأنماط السلبية حول المرأة، مما يؤدي إلى استفحال ظاهرة العنف ضد النساء". وتطالب العريضة الدّولة المغربيّة ب"وقف استغلال قضايا النساء لتصفية خصومها السياسيين"، و"وقف التشهير الذي تتعرض له ناشطات حقوقيات وصحافيات وكل امرأة أقحم اسمها في مثل هذه الملفات"، مع "حماية النساء اللائي يرفضن الدخول في سيناريوهات معدة مسبقا لقضايا عنف واغتصاب واستغلال جنسي". كما دعت العريضة الدّولةَ إلى "ضمان استقلالية البحث والتحقيق"، و"توفير شروط المحاكمة العادلة"، مع "التتبّع والمرافقة النفسية للنساء ضحايا العنف والاستغلال الجنسي"، و"سنّ قوانين زجرية وعقابية واضحة تستهدف كل من ثبت في حقه التورط في جرائم العنف والاستغلال الجنسي"، إضافة إلى "وضع قوانين تحمي الحريات الفردية للمواطنين والمواطنات". وتقول خديجة الرياضي، حقوقيّة حاصلة على جائزة الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، إنّه من الواضح اليوم توظيف قضايا مهمّة ذات نبل، ناضلَت في سبيلها الحركة النّسائيّة مدّة طويلة، من طرف السلطة أو الدّولة أو الجهات المناهضة لحقوق الإنسان، في تصفية حسابات سياسيّة". وتقدّم الرياضي، في تصريح ل هسبريس، مثالا بملفّ الصحافي المعتقل توفيق بوعشرين الذي يقضي حكما نافذا بخمس عشرة سنة سجنا: "اتُّهِمَ بالاغتصاب والاتّجار في البشر والتّحرّش إلى غير ذلك، وقالت أعلى هيئة في الأم المتحدة معنية بالاعتقال التعسفي إنّ محاكمته غير عادلة، وأنّه لم تثبت عليه أيّ تهمة، كما سبقت محاكمته حملة من التّشهير، مثلما يقع لسليمان الريسوني وعمر الراضي؛ وهو ما يظهر أنّ الهدف ليس حماية النساء من العنف، بل المسّ بالصّحافيّين والمعارضين والنشطاء الذين يزعجون السلطة وتستهدِفُهُم بقمعها". وتُذكّر الرئيسة السابقة لأبرز الجمعيّات الحقوقيّة المغربيّة بأنّها من النّساء اللواتي ناضلن وما يزلن ضدّ العنف الموجّه ضدّ النّساء، ثم تسترسل مشدّدة: "لكن، لا يمكن ألا نربط قضية العنف ضد النساء، التي هي قضيّة تتعلّق بحقوق النساء وحقوق الإنسان والديمقراطية والحريات، بالأجواء العامّة للحرية والديمقراطية". وتجمل الحقوقيّة قائلة: "لا نضال ضدّ العنف الموجّه للنّساء، دون نضال في الوقت نفسه من أجل الديمقراطية، والمحاكمة العادلة، والحرية". تجدر الإشارة إلى أنّ منظّمة العفو الدولية قد قالت، عقب إضافة تهمة الاشتباه في الاغتصاب للصحافي عمر الراضي، إنّ ادعاءات العنف الجنسي "يجب أن تؤخذ دائماً على محمل الجد"، وزادت: "في الوقت نفسه، فإن السلطات المغربية لها سجل في توجيه تهم الجرائم الجنسية كوسيلة تكتيكية لمقاضاة الصحافيين والنشطاء في مجال حقوق الإنسان".