تُظهِر نتائج تقرير سنوي للمعهد المغربي لتحليل السياسات حول الثقة في المؤسسات أنّ أكثر مؤسّسة اجتماعيّة موثوق بها بالمغرب هي "الأسرة"، وأنّه رغم انخفاض الثقة في المؤسّسات السياسية بشكل عامّ، تبقى أكثر مؤسَّسَتين موثوق بهما هما "المؤسّسة الملكيّة" و"جهاز الأمن". ويستند هذا التقرير، الذي أعدّه الباحثان رشيد أوراز وفرانسيسكو كولين، إلى نتائج استطلاع أجراه المعهد مناصفة بين الرجال والنساء، الذين يفوق عمرهم 18 سنة، من أعمار وتمَوْقِعات اجتماعية وجغرافيّة ومستويات دراسيّة متعدّدة. وفي قسم خاصّ بثقة المغاربة في البرلمان، يقول التقرير إنّه مِن أقلّ المؤسّسات الموثوق بها، وهو ما ربطه برلمانيون محاوَرون، في إطار الاستطلاع، ب"دور وسائل التواصل الاجتماعي في ترويج صورة سلبية عن البرلمان، قلّلت من مصداقيّته في عين الجمهور"؛ إضافة إلى "إسهام نقص التواصل المؤسّساتيّ من البرلمان في جعل المواطنين غير واعين بالجهود الفعليّة المبذولة من ممثّلين في مناقشة القوانين والتّشريعات"، وما نتج عن قانون الانتخابات وهياكل الأحزاب القديمة من "نخبة برلمانية ليست مؤسسة بالضّرورة على الاستحقاق والكفاءة، بل على الولاء السياسي والمحسوبية". ويرى التقرير في توصياته أنّ سَحبَ تقاعد البرلمانيّين "سيرفع مِن مستوى الثّقة في البرلمان"، خاصّة إذا رافقه "تطويرٌ نوعيّ وكميّ في المعلومات التي توفّرها إستراتيجيات تواصل الممثّلين البرلمانيين"، للمواطِنين. ومع ذكر التقرير أنّ الأسرة هي أكثر مؤسسة اجتماعيّة موثوق بها في المغرب، يضيف أنّ هذه الثقة تبدأ بالانخفاض مع توسّع الحلقة الاجتماعية، من زملاء، وجيران، وأناس نلتقي بهم بشكل يومي، إلى أن نصل إلى أقلّ الناس ثقة، وفق النتائج: الغرباء، والناس الذين نلتقي بهم أوّل مرّة، إضافة إلى الناس من ديانات، ومواطَنات، وتوجّهات جنسية مختلفة. كما يذكر البحث ذاته أنّ هناك نَفَسا عامّا "عند الأجيال الأكبر سنّا بأنّ مستوى الثقة داخل المجتمع قد انخفض بشكل عام خلال العقود القليلة الماضية". ويقول التقرير إنّه رَغم أنّ الثقة في المجموعات الاجتماعية القريبة مرتفعة إلا أن الثقة في المؤسّسات السياسية منخفضة بشكل عام. ويبقى المغاربة متشكّكين في الأداء الحكوميّ، وقدرته على توفير خدمات جيّدة، خاصة في التعليم والصّحّة، كما أنّهم غير راضين عن الأداء الاقتصادي، ولهم خيبة أمل كبيرة من الجهود الحكومية في محاربة الفساد. ويرجّح التقرير أن يكون هذا مرتبطا ب"زيادة الاهتمام بالمشاركة السياسية غير الرّسميّة، في السنوات الأخيرة، مثل المقاطعتين الانتخابيّة والاقتصاديّة، والاحتجاجات"، ورؤية "أداء الأحزاب السياسية والمؤسّسات المُنتخبَة على أنّه ضعيف، غير فعال، وتنقصه الثّقة". ويذكر المصدر ذاته أنّ الرّابط بين الأداء الحكوميّ وجودة الخدمات العمومية، والتمثّل حول الفساد في البيروقراطية الحكوميّة، مركزّي في فهم المستوى المنخفض للثّقة في المؤسّسات السّياسيّة، ويضيف: "هي معطيات مفاتيح في تفسير اللجوء إلى قنوات غير رسميّة في المشاركة السياسية بالمغرب؛ البلد ذي المستوى العالي من الفساد، فعليّا وفي التّمثل العامّ، وهو ما يؤدّي إلى عدم ثقة المواطنين، ويوفّر أرضيّة للنّزاع السياسي". ووفق التقرير فإنّ حوالي 31 في المائة من المستَطلعين قالوا إنّهم يتابعون السياسة والشؤون السياسية بشكل عامّ، فيما قال 69 في المائة من المستَطلَعين إنّهم لا يتابعون السياسة، أو لا يتابعونها إطلاقا، وتتصدّر قائمة أولويّاتهم التي يأملون أن تحقّقها الحكومة في السنوات الخمس أو العشر القادمة: "مطالب التعليم والصحة، وفرص عمل أكبر". وفي سبيل الثّقة، يقدّم التقرير توصيات من قبيل الحاجة إلى "إجراءات ملموسة لمعالجة الفساد تكون سريعة وذات معنى"، وتوفير وسائل أكثر فعاليّة للمواطنين من أجل المساءلة الدقيقة لجميع المؤسّسات السياسية، وأخذ إجراءات لتطوير قطاعي الصحة والتعليم، بشكل راديكالي.