شهدت الجزائر، الاثنين، تجمعات ومسيرات شارك فيها المئات في العاصمة ومنطقة القبائل إحياء لذكرى أحداث 5 أكتوبر 1988، والمطالبة بالمزيد من الديمقراطية، على الرغم من قرار منع التظاهرات. وتحدى المتظاهرون، الاثنين، المنع التام للمسيرات والتجمعات بسبب وباء "كوفيد 19"، من أجل المطالبة بإطلاق سراح معتقلي الحراك المناهض للنظام والذي بدأ في 22 فبراير. وفي الخامس من أكتوبر 1988، شهدت الجزائر موجة من التظاهرات العنيفة ضد النظام السياسي، أدت إلى إلغاء نظام الحزب الواحد وفتح باب الحريات وتأسيس النقابات والصحف المستقلة عن سيطرة الدولة. وقُتل في التظاهرات 159 شخصا، حسب حصيلة رسمية؛ لكن منظمات حقوق الإنسان تحدثت عن أكثر من 500 قتيل. ومنع قانون حول المصالحة والعفو العام أي تحقيق في شأن المسؤولين عن القمع الدموي. وفي العاصمة، حاول نحو 500 متظاهر تنظيم مسيرة بوسط المدينة؛ لكن الشرطة منعتهم، حسب مراسل وكالة فرنس برس. وسار المتظاهرون وسط زحمة السيارات والمارة عبر شارع ديدوش مراد، ثم بدؤوا بالتفرق في ساحة موريس أودان حيث انتشرت أعداد كبيرة من قوات الشرطة التي أوقفت العديد منهم. وهذه أول مسيرة تشهدها العاصمة الجزائرية منذ وقف تظاهرات الحراك في مارس بسبب الأزمة الصحية. وحسب اللجنة الوطنية للإفراج عن المعتقلين، وهي منظمة تدافع عن سجناء الحراك، فإن عشرين شخصا أوقفتهم الشرطة بينهم طلاب. عودة الشعارات ومنذ الصباح الباكر، انتشرت قوات الشرطة بكثافة في المحاور الكبرى للعاصمة وعلى مداخلها، تحسبا للتظاهرات التي تمت الدعوة اليها عبر مواقع التواصل الاجتماعي. كما شهدت مدن بجاية وأقبو وبني ورثيلان في منطقة القبائل (شمال شرق) وكذلك في عنابة بأقصى شرق البلاد، مسيرات وتجمعات، بحسب صور بثها ناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي. وردّد المتظاهرون الشعارات المعروفة للحراك؛ مثل: "دولة مدنية وليس عسكرية"، و"الشعب يريد إسقاط النظام"، و"الجنرالات أنتم خونة ونحن لن نتوقف". وفي منطقة أقبو، قرب بجاية، رفع المتظاهرون صور خالد تزغارت، النائب السابق والحقوقي المسجون، وكذلك صور الصحافي خالد درارني المحكوم عليه بالسجن سنتين، حسب سكان من المنطقة تحدثوا لوكالة فرنس برس عبر الهاتف. وعلى مسافة غير بعيدة في مشدالة، أغلق متظاهرون الطريق الرئيسية في البلدة احتجاجا على توقيف ثلاثة أشخاص شاركوا في مسيرة ليلية، بمناسبة ذكرى أكتوبر 1988. وحسب سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، فإن "الحراك هو استمرار لأحداث أكتوبر 88" التي يسميها الجزائريون "الربيع الجزائري" توازيا مع ما يعرف بالربيع العربي. وقال صالحي، الذي شارك في تجمع بجاية آسفا: "بعد 32 سنة، وفي خضم الحراك؛ لأنه ما زال مستمرا ولم ينته، نشهد تهديدا للمكاسب (التي حققها الجزائريون) والحريات الديمقراطية". وطوال أكثر من عام من المسيرات الأسبوعية السلمية وغير المسبوقة في كافة أرجاء البلاد، طالب الجزائريون بتغيير جذري للنظام الحاكم منذ 1962 تاريخ الاستقلال عن المستعمر الفرنسي. وبسبب انتشار فيروس كورونا المستجد، دعا نشطاء الحراك إلى وقف التظاهرات منتصف مارس؛ لكن بعد أن التزم الجميع بالحجر الصحي لأشهر عديدة، عادت المسيرات في المدن البعيدة عن العاصمة ولو بأعداد قليلة خصوصا في منطقة القبائل. والأحد، سار في باريس نحو ألف جزائري للتذكير بالأحداث التي شهدتها البلاد قبل 32 سنة والمطالبة "بتغيير النظام" الحاكم في الجزائر. واعتبر حكيم عدّاد، أحد الوجوه البارزة في الحراك، أن فبراير 2019 "هو الابن الشرعي لأكتوبر 88 والنضال من أجل الحرية والكرامة. فمن أجل الحرية والكرامة، ناضل الجزائريون في 1988 وقبله وحتى في 2019 واليوم أيضا"، كما صرح لصحيفة الوطن.