شدد رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، على أن الأزمة المترتبة عن جائحة فيروس كورونا المستجد تستدعي الانكباب على البحث عن السبل الكفيلة بحماية الحقوق الشغلية للعمال والحفاظ على مناصب عملهم. وقال رئيس الحكومة في الكلمة الافتتاحية للقاء دراسي حول مدونة الشغل، تنظمه وزارة الشغل والإدماج المهني بمعية الشركاء الاجتماعيين، إن "الانعكاسات الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا تضعنا أمام تحديات مضاعفة، من جهة، يجب علينا حماية حقوق الشغيلة والتحفيز على إحداث مناصب الشغل والعمل على الحفاظ عليها وتجويدها". وفي المقابل، شدد رئيس الحكومة على أن العمل من أجل حماية حقوق العمال يجب أن يوازيه ضمان حقوق المشغّلين وتوفير ظروف مواتية للاستثمار لرفع الإنتاجية والمردودية. العثماني أكد أن الإطار المنظم لعلاقات الشغل الفردية والجماعية يُعتبر الحجر الأساس "لجعل بلادنا ترتقي سلم التطور والازدهار الحقوقي"، مضيفا أن هذا الإطار يرتبط ارتباطا وثيقا بالحقوق الأساسية في العمل، وحقوق الإنسان بصفة عامة. ويأتي انعقاد اللقاء الدراسي حول "مدونة الشغل بين النص القانوني والتطبيق المالي"، في سياق الخلاف الذي يطبع علاقة الحكومة بالمركزيات النقابية بسبب طرح مشروعي القانونين المتعلقين بتنظيم حق الإضراب والعمل النقابي. وعلى الرغم من وجود خلاف بين الطرفين، إلا أن رئيس الحكومة اعتبر أن الاجتماع لمدارسة موضوع مدونة الشغل، "ما هو إلا تكريس لروح التشاور وترسيخ للمقاربة التشاركية التي تعتمدها هذه الحكومة في كل مبادراتها الهادفة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية بكل تمظهراتها وتجلياتها"، مضيفا أن الحكومة "لشديدة الحرص على الحوار والتفاوض مع شركائها الاجتماعيين والاقتصاديين في كل ما له ارتباط بقضايا الشغل". العثماني أردف أن اللقاء الدراسي الذي انطلق صباح الجمعة في الرباط، "يبرهن على مدى جدية هذه الحكومة في الالتزام بما تم تسطيره في الاتفاق الاجتماعي الثلاثي الموقع بينها وبين الفرقاء الاجتماعيين، وذلك تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية الداعية للانخراط في الجهود الوطنية بكل صدق ومسؤولية، لتغيير أوضاعنا نحو الأفضل". وفي الوقت الذي تنتقد فيه المركزيات النقابية الحكومة لعدم سهرها على تطبيق عدد من مقتضيات مدونة الشغل، دعا العثماني إلى إصلاح المدونة بناء على "مقاربة تشاركية وطنية، تشاورية ومدمجة، تستحضر المصلحة العليا للوطن، ويتحلى كافة أطرافها بمستوى عال من التجرد والتضحية". وأضاف أن التزامات المغرب الدولية والتطورات التي يعرفها عالم الشغل والتقلبات العالمية المفاجئة، "تدفعنا للتساؤل عن مدى قدرة ترسانتنا القانونية الوطنية على الاستجابة لتلك الالتزامات والتطورات، خصوصا في ظل الوضع الراهن". وتابع أن هناك خصاصا تشريعيا في عدة مستويات، منها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، "مما اضطرت معه الحكومة إلى استصدار مجموعة من القوانين والمراسيم بهدف سد تلك الفراغات، والتفاعل مع تلك المتغيرات الطارئة".