لا تنظرُ أمريكا إلى التّواجد الرّوسي والصّيني في شمال إفريقيا بعينِ الرّضا. هذا التّوجس دفعَ الإدارة الأمريكيّة إلى بعْثِ وزير دفاعها إلى المنطقة، بحيث من المرتقبِ أن يزور المسؤول الأمريكي المملكة غدا الجمعة، وهي أوّل زيارة له كمسؤول في "البّنتاغون" تقوده إلى إفريقيا. حالة "الفوضى" في ليبيا والوضع الأمنيّ في البحر الأبيض المتوسّط وخطر الإرهاب في السّاحل، مواضيع ستكون حاضرة في اجتماعات وزير الدّفاع الأمريكي بنظرائهِ من المسؤولين المغاربة. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأمريكية: "تركز هذه الرحلة على تعزيز تحالفاتنا وشراكاتنا الحالية في المنطقة". ولن يخرج خطر "تزايد" نفوذ الرّوس والصّينيين في شمال إفريقيا عن قائمة المواضيع المقترحة للنّقاش الأمريكي المغربي. هذا التّوجس الأمريكي يدفع أكثر نحو التّعبير عن التزام الولايات المتّحدة بشراكاتها الأمنية والعسكرية مع دول إفريقيا، على أساس علاقة الاحترام المتبادل والقيم المشتركة. ومن الواضح كذلك، أنّ "الوضع الأمنيّ في منطقة غرب بحر الأبيض المتوسّط سيهيمن على المناقشات الأمريكيّة المغربيّة، لكن مارك إسبر سينظر أيضًا في تعزيز التعاون الثنائي في الدفاع والأمن على نطاق أوسع ومعالجة مخاطر الأمن القومي التي تشكلها الاستثمارات الأجنبية في البنية التّحتية الحيوية. وذكرت وزارة الدّفاع الأمريكية في مقال وقّعه مسؤول في البنتاغون أنّ "ليبيا في حالة فوضى منذ سقوط نظام القذّافي، ويؤثر الوضع الغامض والعنيف في البلاد على المنطقة وخارجها. تحاول روسيا إنشاء قاعدة عسكرية في ليبيا. وقال مسؤولون إنه إذا نجحت، فسيكون التفاوض على أيّ حل للحرب في ليبيا أكثر صعوبة". وتلتزم الولاياتالمتحدة بإقامة علاقات طويلة الأمد مع الدّول الأفريقية الحليفة، وهو ما يميّز أمريكا عن الرّوس والصّينيين، بحيث يؤكّد المسؤول في البنتاغون أنّ أمريكا هي "الشريك المفضل" في جميع أنحاء العالم. ولوزارة الدفاع دور في توفير الاستقرار والأمن. وتسمح حالة "التّشتت" الكبرى التي تعرفها بعض الدّول الإفريقية في جذب بعض الجماعات المتطرّفة. وتشكل هذه المنظّمات المتطرفة العنيفة تهديدًا حقيقيًا للأمن القومي في إفريقيا. "بوكو حرام" في غرب إفريقيا، و"حركة الشّباب" المتمركزة في الصومال، هما أكبر مجموعتين إرهابيتين. وشدّد كاتب المقال المنشور في موقع وزارة الدّفاع الأمريكية على أنّ جميع الدول التي سيزورها إسبر لديها مخاوف بشأن ليبيا، ويتطلع الوزير إلى فهم هذه المخاوف. وأشار المسؤولون إلى أن الوضع في المنطقة يبدو مختلفًا عما كان عليه عند فحصه من واشنطن. كما ستسلط الزّيارة الضوء على أنّ الولاياتالمتحدة جزء من التّحالف الأوسع الذي يسعى لمساعدة الدول الأفريقية على الازدهار. ويشمل هذا التّحالف المملكة المتحدة وفرنسا وغيرها. وقال المسؤول الأمريكي: "هذا يختلف عن الصينوروسيا اللتين تحاولان الإخلال بالنظام القائم في إفريقيا". وقال إسبر: "اليوم، يواصل منافسانا الاستراتيجيان، الصينوروسيا، تخويف وإكراه جيرانهما مع توسيع نفوذهما الاستبدادي في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك القارة الإفريقية". واتهمت الولاياتالمتحدةالصين بالسّعي إلى توسيع نفوذها في المنطقة من خلال قروض "مفترسة"، واتّهم الجيش الأمريكي موسكو بنشر مرتزقة وطائرات مقاتلة روسية لدعم الجنرال الليبي خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي أحد الأطراف المتحاربة في الحرب الأهلية في ذلك البلد.