لم تلجأ الدّولة المغربية إلى وسائلها المادّية "الصّلبة" التي يتيحها لها القانون لفرْضِ سيادَتها الكاملة على الصّحراء، بل فضّلت التّريث وسلك المساطر القانونيّة لمتابعة النّاشطة الانفصالية أمينتو حيدر، بعد قيامها بمعيّة 30 ناشطاً صحراوياً، بتأسيس "كيانٍ" سياسيّ يتوخّى الانفصالَ داخل الصّحراء. وتجهرُ مؤسّسة الكيان بمشروعها الانفصاليّ الرامي إلى مواجهة ما اعتبرته "احتلالاً في الصّحراء"، وهو ما حتّم تدخلاً قضائياً مغربياً على أعلى مستوى لوضع حدّ لهذا المشروع، الذي يسمّى "الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي". وأمرت النّيابة العامّة في مدينة العيون بفتح بحثٍ قضائيّ في الموضوع، بالنّظر لما يشكله العمل المذكور من مساس بالوحدة الترابية للمملكة، وما تضمنه من دعوات تحريضية صريحة على ارتكاب أفعال مخالفة للقانون الجنائي. وقال الوكيل العام للملك بالعيون، ضمن بلاغ توصلت به هسبريس: "سيترتّب عن هذا العمل اتخاذ الإجراءات القانونية الملائمة لحماية النظام العام وترتيب الجزاء القانوني على المساس بالوحدة الترابية للمملكة، بما يحقق الردع العام والخاص لضمان حماية المقدسات الوطنية". وكانت الناشطة الانفصالية، ومعها حوالي 30 صحراوياً، عقدوا قبل أيام مؤتمراً تأسيسياً لما سمي "الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي"، وذلك بعد حل "تجمع المدافعين الصحراويين عن حقوق الإنسان"، المعروف اختصاراً ب "كوديسا". واعتبر المحامي المغربي نوفل البعمري أنّ التّحرك القضائي "هو تفعيلٌ لسلطة القانون وتعبير عن شكل من أشكال السّيادة القانونية على المنطقة، وأن الجميع متساوٍ أمامه ولا يمكن الاختباء وراء أي غطاء قصد ادعاء وجود حماية ما". وانطلق المحامي والفاعل الحقوقي من بلاغ النّيابة العامّة حول "تجمّع انفصاليي العيون" مورداً أنّه "متوازن، محترم لشروط المحاكمة العادلة شكلا ومضمونا، عدّد الخروقات التي تم القيام بها وأمر بإجراء بحث في الموضوع، مما يظهر أن تعاطي النيابة العامة حتى في اللغة المستعملة في البلاغ لم تكن انفعالية بقدر ما كانت لغة قانونية". وأوضح البعمري في تصريح لهسبريس أنّ "النّيابة العامة لم تنجر إلى الجانب السياسي من الملف، بل بقيت في إطار اختصاصها المسنود إليها بموجب القانون، وهو ما يؤشر على مناعة المغرب سياسيا وقضائيا وأنه كما لم يتعاط بشكل منفعل سياسيا، فهو كذلك لم يسقط في ردود الفعل تجاه الملف من ناحية تدبيره أمنيا وقانونيا". وحول ما إذا كان التّوجه القضائي للمملكة سيذهب إلى حدّ اعتقال "أمينتو حيدر" والمتعاونين معها في الهيئة الانفصاليّة، ردّ البعمري بأنّه "من الصّعب الإجابة على هذا السؤال، لأنه مرتبط بطبيعة البحث الذي سيتم إجراؤه وهو ما سيحدد توجه النيابة العامة ومتابعتها التي ستكون متوافقة مع ما ينص عليه القانون الجنائي". وأضاف المتحدّث أن قرار الاعتقال من عدمه "هو جزء من سلطة النّيابة العامة التي ستتخذ قرارها، سواء في مضمون المتابعة أو في حق الذين سيتم اتهامهم، لذلك وجب انتظار البحث وما سيسفر عنه من معطيات قانونية". وأضاف المتحدّث أن قرار الاعتقال من عدمه "هو جزء من سلطة النّيابة العامة التي ستتخذ قرارها، سواء في مضمون المتابعة أو في حق الذين سيتم اتهامهم، لذلك وجب انتظار البحث وما سيسفر عنه من معطيات قانونية".