قبل سنتين، أعلن المهنيون المصرفيون عن إطلاق خدمة الأداء بواسطة الهاتف النقال بشراكة مع المصارف ومؤسسات الأداء وشركات الاتصالات، حيث كانوا يأملون أن تساهم هذه الخطوة في خفض تعاملات "الكاش" التي ما زالت تستحوذ على نسبة كبرى من معاملات المغاربة. ولم يسجل المهنيون والسلطات النقدية الوطنية أي تطور ملموس في استخدام الأداء عبر الهاتف النقال في المعاملات التجارية اليومية للمواطنين، على الرغم من تعدد العروض التي أطلقتها شركات الاتصالات والمقاولات الناشئة التكنولوجية، على مدى الشهور العشرين الأخيرة. ويرى مروان هرماش، الخبير في مجال الخدمات الرقمية، أن عدم توسع دائرة خدمة الأداء عبر الهاتف النقال والتطبيقات الذكية في المغرب يعود إلى مجموعة من العوامل المتداخلة؛ أهمها عدم وجود رؤية شاملة قادرة على توفير منتوج متكامل، خاص بالأداء عبر الهاتف النقال، يتوفر فيه عنصر الجاذبية لتحفيز المواطن على استخدام هذه الوسيلة في الأداء الرقمي. وأوضح هرماش، في تصريح لهسبريس، أن خدمة الأداء عبر الهاتف النقال تستلزم تعميمها على مجموع المحلات التجارية والخدماتية القريبة من المواطن، مع تفادي فرض رسوم مرتفعة على المعاملات التجارية، لتشجيع المستهلك على التخلي عن تسديد فواتير مقتنياته بواسطة الأوراق النقدية. وتابع الخبير في مجال الخدمات الرقمية، في التصريح ذاته، أن "هناك مسألة أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار من طرف الفاعلين الماليين والمتدخلين في هذا المجال، وهي محاولة تصميم خدمات وحلول شاملة الأداء عبر الهاتف النقال تتماشى مع المستوى التعليمي والثقافي لفئة عريضة من المواطنين التي تعاني من الأمية الرقمية، هذه الأمية التي تشكل في واقع الأمر حجر عثرة أمام انتشار هذه الوسيلة الخاصة بالأداء". ويسعى المسؤولون في بنك المغرب إلى تعميم خدمة الأداء بواسطة الهاتف النقال؛ لمحاصرة هيمنة الأداء نقدا الذي يؤدي إلى انعدام الكفاءة الاقتصادية والاجتماعية، كما ينطوي على تكلفة مهمة بالنسبة إلى الوحدات الاقتصادية تصل إلى قرابة 0.7 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي. وترتكز معظم هذه المعاملات على الأداء ما بين الأفراد والتجار، الذي يمكن اليوم تحقيقه عن طريق حلول أداء بواسطة الهاتف النقال، وهي تجربة أثبتت نجاحها عالمياً، خصوصاً في ظل وصول نسبة انتشار الهاتف النقال إلى 130 في المائة. ويشدد المسؤولون في بنك المغرب على أن اعتماد الأداء بواسطة الهاتف النقال سيمكن على المديين المتوسط والطويل من تطوير الاقتصاد الرقمي، والتقاط مؤسسات الائتمان لجزء أكبر من السيولة، وتقليص التكاليف التشغيلية لتدبير النقود.