أعادَ تفجّر قضية اتّهام مدرّر بأحد الكتاتيب القرآنية باغتصاب طفلات قاصرات النّقاش، من جديد، بشأن غياب المراقبة داخل هذه المراكز التّعليمية العتيقة؛ فعلى الرّغم من تسجيل حالات سابقة لأئمّة استغلّوا أماكن العبادة والدراسة لأغراضٍ "دنيئة"، فإنّ هذه الفضاءات الدّينية ما زالت تخفي "غابة" من الاعتداءات الجنسية في حقّ الأطفال. واهتزّ الرّأي العام الوطني على وقع تعرّض طفلات قاصرات ضواحي مدينة طنجة لاعتداء جنسيّ من لدن مدرّر يبلغُ من العمر 43 سنة، داومَ على ممارسة فعله الجرمي طيلة 8 سنوات، قبل أن يقرّر الضّحايا كسر حاجز الصّمت بعرض شكاياتهنّ على الدّرك الملكي، مرفقات بشواهد طبية، تبيّن تعرّضهنّ للاغتصاب وهتك العرض. واعترف المشتبه فيه أمام المحقّقين بكافة التهم المنسوبة إليه، مؤكدا لهم أنه "بالفعل كان يستغل الأطفال الذين يحفظهم القرآن جنسيا طيلة السنوات الماضية"، ليتقرّر وضعه في السّجن المحلي لطنجة. وفي هذا الصّدد، يؤكّد محمد عبد الوهاب رفيقي، الباحث في الدّراسات الإسلامية، أنّ "ظاهرة "لفقيه" واغتصاب الأطفال من المسكوت عنه في المجتمع، مع أنها أمر واقع وبشكل كبير جدا، وتتداخل فيها عوامل نفسية واجتماعية كثيرة"، مبرزاً في هذا الصّدد أن "الموضوع خطير ولا يمكن السّكوت عليه، وهناك تطبيع مع الظاهرة أو محاولة إنكار لها فقط لأن الفاعل "لفقيه د الجامع". ويوضّح رفيقي أنّ "الموضوع لا يمكن توظيفه لتصفية حسابات مع أي جهة، بقدر ما يحتاج إلى فضح وحزم وكشف المستور، وحماية أطفالنا من أي ممارسات ممكن أن تدمر حياتهم، أو تركب فيهم العقد التي ستلازمهم طوال حياتهم"، مبرزاً أنّ "الموضوع خطير ويحتاج إلى معالجة دقيقة، بعيدا عن التوظيفات الإيديولوجية والحسابات الضيقة". من جانبها، شدّدت الفاعلة المدنية فدوى رجواني على أنّ "ما يحدث في أماكن العبادة ومدارس دينية ومدارس قرآنية ومدارس الراهبات من اغتصاب واستغلال للأطفال لا يخفى عن أحد، ولا يمكن الدفاع عن الديانات بنكران هذه الممارسات". بينما يؤكّد الحقوقي والفاعل المدني نوفل البعمري أنّه "في الكنائس، مثل الكتاتيب القرآنية، حيث يكون الفضاء مغلقا، وحيث يتم استغلال كلمة الله وحيث يسود وقار زائف وتدين يخفي غابة من الاعتداءات الجنسية والاغتصاب والتحرش الجنسي والتغرير بالقاصرين". وشدّد البعمري على أنّ "الغريب في جريمة "الفقيه"، الذي داوم على اغتصاب طفلات لثمان سنوات، أنّه لا أحد خرج للتنديد بالجريمة أو ندد باستغلال أماكن العبادة لارتكاب هذه الجرائم؛ بل صفحات مجهولة انطلقت في الدفاع على "الفقيه" ومحاولة التغطية على الجرائم البشعة والتشكيك فيها". ويقف البعمري عند هذه الجريمة التي لم تحرك المجتمع كما حركته التي ذهب ضحيتها الطفل عدنان بوشوف بطنجة، "قد يبدو أن ما يحرك عوام مواقع التواصل الاجتماعي هو جنس المعتدى عليه، مادام أن الطفلات أي إناث هن من تعرضن للاعتداء ليس عليهم الاحتجاج ولا المطالبة بأقصى العقوبة ولا بتطبيق القانون وليس على الجمعيات "الحقوقية" أن تنظم وقفات وتندد وتجمع مكاتبنا التنفيذية وليس على المواقع الإخبارية الإلكترونية الانتقال إلى عين المكان".