ما كان مستحيلا بالأمس القريب سيُصبح "ممكنا" في انتخابات 2021، التّحالفُ مع "الإسلاميين" والقطعُ مع الخطوط الحمراءِ، هكذا يعملُ حزب الأصالة والمعاصرة على تغيير جلدهِ، في ظلّ القيادة السّياسية الحالية، التي تسعى إلى طيّ صفحةِ الماضي ومراجعة التّوجه الإيديولوجي للحزب، في أفقِ الاستعداد للرّهان الكبير "في تشريعيات 2021". وتعكسُ تصريحات القيادة الحزبية داخل "البّام" وجود رغبة سياسية في تغيير جلد الحزب الذي لطالما كان يوصفُ بأنّه "حزب مقرّب من السّلطة" وله غايات محدّدة وأنّ وجوده في الحياة السّياسية المغربية مردّه "محاصرة" الإسلاميين، الذين يقودون الحكومة لولايتين، بينما يسود تخوّف من أن يصلَ إخوان "العثماني" إلى الحكومة مرّة ثالثة. ويختلف عبد اللطيف وهبي، الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، عن سابقيه من رؤساء "البّام" بكونهِ يسعى إلى تحقيق تغيير جذري داخل الحزب في الوقت "الميّت"، لا سيّما أن الانتخابات على الأبواب والصّراع حول المقاعد بدأ يظهر مع عودة النّقاش حول طبيعة العروض السّياسية التي يجبُ تقديمها إلى المغاربة. وبينما يؤكّد وهبي أنّ حزبه معرّض للهجمات المستمرة وتوظف ضده عبارات من قبيل "حزب الأعيان والتحكم"، شدّد على أنّه سيعملُ بمعيّة لجنة على مراجعة التّوجه الإيديولوجي للحزب، مبرزاً في حوارٍ له مع "القناة الثّانية" أنّه "سينفتحُ على حزب العدالة والتنمية وسيدعوهم إلى الحوار"، مؤكدا أن الاصطفافات التي تعيشها دول أخرى غير موجودة في المغرب. ويتوقّف المحلل السّياسي رشيد لزرق عند ما اعتبره "ضبابا كثيفا يخيّم على المشهد السياسي المغربي، الذي باتت تحرّكه تحالفات سياسية تحت الطلب، تشكّلها أطياف سياسية مختلفة، كانت خصوماً متناحرة بالأمس، بنت حملاتها الانتخابية على تبادل الاتّهامات، وإظهار العداوة فيما بينها، هدفها تبادل المصالح الضيّقة، والتغطية على ملفات الفساد. ويوضّح الأستاذ في جامعة ابن طفيل بالقنيطرة أنّ "صعود وهبي إلى الأصالة والمعاصرة أظهر أنّ "البام" لم يخرج عن حزب الفرد، وشخصية وهبي تقوم على طموح إلى الاستوزار ودخول إلى الحكومة كغاية وليس كوسيلة، وجزء من داعميه تحرّكهم هواجس مشتركة". ويبرز الجامعي ذاته أنّه "لا بدّ من الإقرار بفشل الأصالة والمعاصرة كأداة حزبية دورها تحقيق التوازن السياسي"، وعلى الرغم من جودة المشروع، يشدّد لزرق، فإن "بناءه كإطار تم من خلال تطعيمه بقيادات ليبرالية ويسارية انتهازية، كما تم التأكيد على سعيه إلى البروز وفرض وجوده سياسيا كقوّة منافسة لقوى التدين السياسي". واعتبر المحلل السّياسي المتخصّص ذاته أنّ "شريحة ممن انخرطوا في هذا المشروع انخرطوا بدعوى الدّفاع عن الحداثة ومكاسبها تحت ما يصطلح عليه تسميته بالديمقراطية الاجتماعية، وهي رأسمالية بمسحة اشتراكية؛ فبرزوا كمدافعين عن مطلب الديمقراطية المنكسر في الواقع والممارسة، ورفع هذا المطلب كشعار لدغدغة اليساريين قدماء، لهم انكسارات رسبت لديهم بنية نفسية، فظهروا كحالات سيكولوجية سلوكية ذات عمق انتهازي واع". وقال لزرق إنّ "وهبي أظهر ميلا إلى النزعة الذاتية، هو ما يتسبب في تناقض إيديولوجي، عندما تصبح الأفكار والأطروحات صماء ومجردة وغير قابلة للترجمة السلوكية".