لا تزال مُراكش، المدينة السياحية الأولى بالمغرب وإفريقيا، تُعاني وضعاً صعباً جراء تضرر القطاع السياحي منذ بداية الجائحة في شهر مارس المنصرم، وزاد التأثير سلباً بعدما قررت السلطات إبقاءها ضمن المناطق التي تخضع لقيود التنقل. وتزور مدينة مراكش نسبة مُهمة من السياح الأجانب والمحليين بشكل سنوي، وعلى طول السنة، بفضل مناخها المناسب، وتوفرها على بنيات استقبال سياحية مختلفة تستجيب لمختلف الشرائح، بتقديمها عرضاً متنوعاً، كما تُعد قبلة مهمة للمؤتمرات الدولية. وتستقطب المدينة الحمراء عادةً حوالي 40 في المائة من حركة السياحة بالمغرب، لكن في الوقت الراهن تفاقمت وضعيتها الاقتصادية، وهو ما أثر بشكل مباشر على قطاعات عديدة مرتبطة بالسياحة. ومنذ أسابيع توجد مراكش ضمن لائحة المدن الأكثر تسجيلاً للإصابات بفيروس "كورونا المستجد"، وهو ما جعلها، إلى جانب مُدن أخرى، في لائحة المدن الخاضعة لإجراءات التقييد، حيث يتوجب الحصول على ترخيص من قبل السلطات من أجل الوُلوج إليها. وتنتشر منذ أسابيع صُور توثق لساحة جامع الفنا الشهيرة وهي خاوية على عروشها إلا من بعض المارة، وهي الساحة التي كانت لا تتوقف فيها الحركة طيلة أيام السنة، وتعد أبرز مكان يزوره السياح. وقال حميد بن طاهر، رئيس المجلس الجهوي للسياحة بمراكش- آسفي، إن "المدينة تُعاني كثيراً من الوضعية الحالية"، مُشيرا إلى أن فئات واسعة من المواطنين تشتغل في قطاع السياحة تواجه وضعاً متفاقماً وتنتظر تاريخ افتتاح الحدود لعودة السياح. وأضاف حميد بن طاهر، في حديث لهسبريس، أن المجلس الجهوي للسياحة يتوفر على برنامج لإنعاش القطاع يتضمن مقترحات عدة، لكن الأمر يتوقف على التعامل مع الوضعية الوبائية المستمرة. وتابع قائلاً: "بلادنا اختارت صحة المواطنين قبل الاقتصاد، واليوم أصبح لزاماً علينا أن نتعايش مع الوباء لأنه لا يزال مستمراً، لكن يجب أن نُولي اهتماماً أيضا بالاقتصاد لأن الضرر لحق بنسبة مهمة من المواطنين". ويبقى إنعاش قطاع السياحة في مراكش والمغرب بأكمله، حسب حميد بن طاهر، مرتبطاً بتوفر رؤية لدى الفاعلين، مضيفا أن ذلك لن يتأتى بدون معرفة تاريخ فتح الحدود، وإعادة حركة الطيران إلى وتيرتها العادية. وذكر المسؤول ذاته أن المجلس الجهوي للسياحة عمل في إطار برنامج جديد مع المكتب الوطني المغربي للسياحة لعودة شركات الطيران إلى استغلال نصف طاقتها الاستيعابية في البداية، في أفق الاستغلال الكامل لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وفي ظل غياب السياح، وخصوصاً الأجانب، عن المدينة الحمراء، تأثر قطاع الصناعة التقليدية هو الآخر بشكل كبير، حيث أوضح رئيس المجلس الجهوي للسياحة بمراكش- آسفي أن العاملين بالقطاع يواجهون ركوداً كبيراً في الحركة التجارية. ومن أجل تجاوز هذا الوضع، يَرى حميد بن طاهر أن على وزارات الصحة والخارجية والداخلية أن تنكب على عمل مشترك لإنقاذ السياحة والقطاعات المرتبطة بها بشكل مباشر وغير مباشر، والتي تشغل نسبة كبيرة من المواطنين في الجهة بأكملها. جدير بالذكر أن الحُكومة وقعت مؤخراً برنامجاً تعاقدياً مع الفاعلين في قطاع السياحة بهدف الحفاظ على النسيج الاقتصادي ومناصب الشغل، وتسريع مرحلة استئناف النشاط، ووضع أسس التحول المستدام لهذا القطاع. ويتضمن البرنامج عدداً من الإجراءات، من بينها ضمان الولوج إلى التغطية الصحية لجميع العاملين بالقطاع، والحفاظ على مناصب الشغل، من خلال منح تعويض شهري قدره 2000 درهم لفائدة الأجراء إلى غاية نهاية السنة الجارية. يُشار إلى أن القطاع السياحي يُساهم بشكل مُهم في تنمية الاقتصاد الوطني، ويُشكل حوالي 7 في المائة من الناتج الداخلي الخام بتشغيله أكثر من نصف مليون شخص. كما يعتبر مصدراً مهماً للعُملة الصعبة الضرورية لضمان الواردات الأساسية للبلاد.