أمام حكومة هشام المشيشي التي نالت ثقة البرلمان الأربعاء مهمة صعبة تقضي بإخراج الديمقراطية الناشئة من حال عدم الاستقرار السياسي، لتتمكن من مواجهة الصعوبات الاقتصادية والاجتماعية. ما درجة استقرار الحكومة الجديدة؟ يقول الباحث في العلوم السياسية سليم الخرّاط لوكالة فرانس برس: "رغم أن حكومة المشيشي نالت مصادقة البرلمان بغالبية الأصوات، فهذا لا يترجم دعما فعليا من قبل الكتل النيابية والأحزاب السياسية". وانتقد حزب النهضة ذو المرجعية الإسلامية وأكبر الكتل النيابية في البرلمان (54 نائبا من أصل 217) حكومة الكفاءات المستقلة التي عرضها المشيشي، قبل أن يعود ويقرر دعمها قبل ساعات من التصويت. وقال الخرّاط: "سنبقى في عدم الاستقرار إذا تواصل نفوذ الأحزاب في مسار اتخاذ القرار". وأرسى دستور 2014 الذي جاء إثر سنوات من سلطة ديكتاتورية نظاما سياسيا مزدوجا ما بين البرلماني والرئاسي. وتابع الخرّاط: "نكتشف حدود مفارقات الهندسة الدستورية التي تم وضعها في دستور 2014، وهذا ما سيغذي غياب الاستقرار". وأفرزت الانتخابات النيابية في العام 2019 كتلا برلمانية مشتتة ومنقسمة إيديولوجيا دون حصول أي منها على الغالبية، وهو ما يعقّد عملية التوصل إلى توافق بينها حول مسائل عدة. لكن المشهد العام داخل البرلمان ينقسم بين إسلاميين ومناهضين لهم. ما هي الملفات الحارقة أمام الحكومة الجديدة؟ يوضح الباحث في العلوم السياسية أن "كل (الملفات) مستعجلة في الوضع الحالي". وفي طليعة هذه الملفات قانون المالية التكميلي للعام 2020 الذي سيحدد التداعيات الاقتصادية لجائحة كوفيد-19 وأثرها على الموازنة العامة للبلاد. ويتوقع صندوق النقد الدولي أن يصل الدين العام في البلاد إلى 89 في المائة من إجمالي الناتج الداخلي، كما أن موازنة 2021 تبدو صعبة الإنجاز مع انتهاء برنامج الدعم من صندوق النقد الدولي لتونس في الربيع. وحذّر المشيشي من "وضعية اقتصادية صعبة ومؤشرات خطيرة"، مع بلوغ الدين العام 80 مليار دينار، بينها مبلغ 7.5 مليارات دينار (حوالي 2.5 مليارات يورو) يستحقّ سدادها في 2020. ويترتب على الحكومة العمل من أجل تخفيف نسبة البطالة التي بلغت 18% بسبب الأزمة الصحية، ومواجهة تفشٍ جديد لوباء كوفيد-19 وإنعاش القطاع العام، وهو تحد في غياب دعم برلماني قوي. بالإضافة إلى ذلك فإن ملف الاحتجاجات الاجتماعية المتواصلة سيكون من الأولويات، ولاسيما في ظل استمرار التظاهرات الاحتجاجية جنوب البلاد، التي تعطل إنتاج الطاقة والفوسفاط. ما مدى قدرة الحكومة على القيام بإصلاحات؟ أكد المشيشي عزمه على إنعاش المؤسسات الحكومية ودعم القطاع الحكومي الذي تكبله ديون متزايدة منذ سنوات؛ لذلك أنشأ وزارة تدمج الاستثمار والمالية والاقتصاد في حقيبة واحدة، منحها للمصرفي السابق علي الكُعلي. كما أن "هناك كل الإصلاحات المتعلقة بنظام الضرائب"، وفقا للخرّاط الذي يؤكد أن "التحدي الرئيسي لحكومة المشيشي هو نيل دعم سياسي يخولها أخذ قرارات موجعة في ظل أزمة اقتصادية وسياسية واجتماعية".