ترحيبٌ جديدٌ بمبادرة الملك محمّد السّادس بالحوارِ وتجاوز المشاكل العالقةِ مع الجار الجزائري، جاءت هذه المرّة من النّاطق الرّسمي للحكومة الجزائرية، عمار بلحيمر، الذي دعا إلى تصفيةِ الخلافات الثّنائية وتحقيق تقارب حقيقي ما بين الرّباط والجزائر، باعتمادِ أسلوب الحوار والتّعاون. وعكسَ ما تروّجه القيادة الجزائرية المتحكّمة في دواليب القرار، التي تكنّ عداءً كبيراً للمصالح المغربية، رحّب متحدّث الحكومة الجزائرية بأي مبادرة هدفها البناء ولمّ الشمل، باعتماد أسلوب الحوار والطرق المشروعة بكل شفافية، وذلك مع احترام خصوصية كل بلد وسيادته، دون المساس بالمبادئ الأساسية للدبلوماسية المبنية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد. وفي المرّات السّابقة، كان الحوار الثّنائي ما بين البلدين يصلُ إلى مستويات متقدّمة للدّفع بالعلاقات إلى مزيد من التّعاون ونبذِ الخلافات التي يكون باعثها الأساس قضية الصّحراء المغربية، غير أنّ خرجات الرّئيس الجزائري بشأن العلاقات مع الرّباط لطالما أعادت ملفّ "التّسوية" الدّبلوماسية إلى نقطة الصّفر. ومنح المغرب متّسعاً من الوقت للجانب الجزائري لدراسة جدوى المبادرة التي تقدّم بها الملك محمد السادس في خطاب المسيرة لسنة 2018، وهي مبادرة لفتح حوار مباشر وبدون شروط، عبر لجنة سياسية مشتركة، تنكب على جميع القضايا دون استثناء، من أجل هدف تطبيع العلاقات المغربية الجزائرية، وتجاوز حالة الجمود غير الطبيعية التي تطبع واقع هذه العلاقات. وفي هذا الصّدد، أكّد بلحمير أن "المغرب بلد جار وشقيق"، تربطه مع الجزائر "علاقات لها عمقها التاريخي والحضاري"، وأن البلدين يملكان "هدفا مشتركا، من خلال الوصول إلى بناء صرح مغاربي موحد بتوفير جميع الشروط، طالما أن الإرادة السياسية لقادة البلدين موجودة ومصيرنا مشترك في ظل التحديات الراهنة، خاصة ما تعيشه المعمورة بسبب تداعيات الأزمة الصحية". وتابع المسؤول الحكومي الجزائري: "لا تلتفت لأي محاولة لتعكير الجو بين الشعبين المغربي والجزائري الشقيقين، باعتبار أن الغاية الأسمى هي حشد الطاقات وشحذ الهمم لبناء اتحاد مغاربي قوي نحمي فيه مصالحنا، وندافع عن وحدتنا". ومازالت بعض الأوساط الرّسمية في الجارة الشّرقية تربطُ مصير مبادرات "الحوار" مع الرّباط بضرورة إيجاد حلّ لقضية الصّحراء أولاً، ثمّ الانتقال بعد ذلك إلى تعزيز التّعاون الاقتصادي والدّبلوماسي من خلال فتح قنوات التّشاور وتحقيق الاندماج المغاربي. وكان الملك محمد السادس أكّد أنّ المغرب مستعد لحوار مباشر وصريح مع جارته الشرقية الجزائر لتجاوز الخلافات الظرفية والموضوعية، التي تعيق تطور العلاقات بين البلدين، مضيفاً في خطاب بمناسبة الذكرى ال43 لذكرى المسيرة الخضراء أنه يقترح آلية مشتركة للحوار المباشر بين البلدين، ومستعد لمقترحات الجزائريين لتجاوز الخلاف بين البلدين.