تعيش البرازيل٬ منذ الجمعة الماضية وإلى غاية الأربعاء المقبل٬ على إيقاع الاحتفالات المخلدة للكرنفال السنوي الذي ينظم في أكبر وأعرق مدن البلاد٬ أبرزها ريو ودي جانيرو وسالفادور وساو باولو وريسيفي٬ في موعد سنوي مع الاحتفالية تعود بداياته لأزيد من قرنين. وتشهد أهم المدن التاريخية البرازيلية٬ على مدى أيام الكرنفال٬ الأشهر والأكبر في العالم٬ استعراضات تتنافس فيها أبرز مدارس الصامبا بالبرازيل على لقب "بطلة الكرنفال" على صعيد المدينة٬ بعد استعدادات عادة ما تنطلق مباشرة عقب انتهاء الكرنفال السابق. ويختلف الكرنفال٬ بصيغته الحالية٬ بين مدينة وأخرى٬ سواء من حيث العروض الاحتفالية المقدمة من طرف المدارس أو من حيث المواضيع التي تتناولها هذه العروض٬ غير أن كرنفال ريو دي جانيرو٬ العاصمة الثقافية للبرازيل٬ يظل أشهر هذه المهرجانات وأضخمها٬ إذ يعرف مشاركة مدارس الصامبا الأكثر شهرة في البلاد٬ مثلما هو الحال هذه السنة. وتنطلق الاحتفالات في ريو قبل اليومين الرسميين للكرنفال اللذين تلج خلالهما مدارس الصامبا المتنافسة تباعا إلى ما يعرف ب "السامبودرومو"٬ وهو مركب يتوفر على مدرجات للجمهور وممر لتقديم الاستعراضات تم تشييده سنة 1984 من طرف المهندس المعماري البرازيلي العالمي أوسكار نييماير٬ وخضع لأعمال تجديد خلال الأشهر الأخيرة٬ قبل أن يدخل غمار المنافسة لنيل لقب "الأفضل" بناء على قواعد صارمة تضعها لجنة حكام وتراعي تصميم الاستعراض وموضوعه ومدى تقدير الجمهور له وتجاوبه معه. ويحظى كرنفال المدينة بتغطية إعلامية محلية ودولية واسعة أكثر من باقي منافسيه٬ وينتظر أن يستقطب هذه السنة أزيد من خمسة ملايين شخص٬ بينهم نحو 720 ألف سائح برازيلي وأجنبي٬ سيضخون نحو 521 مليون دولار في خزينة المدينة٬ وفق ما أعلنه المنظمون. ويعد كرنفال مدينة سالفادور٬ عاصمة ولاية باهيا٬ في الشمال الشرقي للبرازيل٬ الذي يستمر لستة أيام٬ المنافس الأول لكرنفال ريو٬ سواء من حيث الاحتفالات أو حجم الجمهور٬ إذ يحضره نحو مليوني شخص لمتابعة فرق موسيقية تعزف مزيجا من الإيقاعات الإفريقية والبرازيلية٬ وهي المقومات التي لا يمتلكها كرنفال مدينة ساو باولو الذي تبدع خلاله مدارس في تنظيم الاستعراضات وابتكار الأزياء التنكرية الملفتة. وعلى عكس مدن ريو وسالفادور وساو باولو٬ تنطلق احتفالات كرنفال مدينة ريسيفي٬ عاصمة ولاية برنمبوكو٬ بشمال شرق البلاد٬ قبل أسبوع من موعده الرسمي٬ وتعزف فرق المدارس المشاركة فيه ما يعرف بموسيقى "فريفو" التي تعتمد الإيقاعات السريعة وتتطلب إعدادا بدنيا متقنا للراقصين. ويرجع كرنفال البرازيل بشكله الحالي الذي يجمع بين الجانبين الاحتفالي والتنافسي بين مدارس الصامبا٬ إلى ثلاثينات القرن الماضي٬ حيث تأسست أول مدرسة للصامبا بمدينة ريو دي جانيرو سنة 1928٬ وتوالى بعدها بروز مدارس جديدة بمدن برازيلية أخرى انتظمت لاحقا في إطار عصب محلية٬ لتنطلق بذلك أولى بطولات الكرنفال بكل مدينة.