احتضنت العاصمة الألمانية برلين ما بين السابع من فبراير و التاسع منه معرض "فروتا لوغيستيكا" وهو أكبر معرض عالمي لتسويق الفواكه و الخضر الطازجة. ولقد سجل المعرض حضور 2110 عارضين من 86 بلدا من مختلف القارات. ولقد حضرت هذا المعرض بعض الدول لأول مرة كما هو الشأن بالنسبة الى ليتلاند و مدغشقر والأوروغواي. و لقد حظي المغرب بضيف شرف فروتا لوغيستيكا 2008. هنا نسلط بعض الجوانب حول المشاركة المغربية و التحدي الذي يواجه التجارة الخارجية المغربية من خلال هذا الحوار مع وزير التجارة الخارجية المغربية السيد عبد اللطيف معزوز. "" ماذا يمثل لكم حضور المغرب كضيف شرف هذا المعرض؟ لا يخفى عليكم أن للمعرض أهمية كبيرة على الصعيد العالمي، حيث تشارك أكثر من 80 دولة ومن مختلف القارات. من هنا فإن حضورا في هذا المعرض يعني حضورا في كل الأسواق العالمية، وليس في ألمانيا فقط. هناك عارضون وزبائن من روسيا، وكندا، و زيلاندا الجديدة، والشرق الأوسط. إن الحضور في هذا المعرض يعفينا من الحضور في عدة تظاهرات أخرى نظرا للبعد العالمي لهذا المعرض، الذي يعتبر أكبر معرض عالمي لتسويق الخضر والفواكه الطازجة. ويشكل هذا المعرض وهذا الشرف الذي حظي به المغرب مناسبة للتعريف بمنتوجاته الجديدة من جهة، و للتعريف باستراتيجتيه الجديدة في مجال التسويق من جهة أخرى. ما هي ميكانزمات هذه الاستراتيجية؟ نظرا لقلة الامكانيات، فإننا نعتمد بالدرجة الأولى على الاستهداف والتمركز. إننا نحاول أن نضرب بقوة وبدقة، فحضورنا اليوم في هذا المعرض يتجلى من خلال تواجد 35 مقاولة مغربية على مساحة تتجاوز أكثر من 750 مترا مربعا، حيث نعرض جميع الخضر والفواكه التي ينتجها المغرب. لقد اعتمدنا بشكل كبير على حملة اعلامية كبيرة قبل هذا المعرض على مستوى الاعلام العالمي المتخصص في هذا المجال، أو داخل هذا المعرض، الأمر الذي جعل الرواق المغربي يحظى بإقبال كبير. حين نتحدث عن قطاع التجارة، يحضر أمامنا تحدي تحرير هذا القطاع، هل استعد المغرب لهذا الرهان؟ أعتقد أنه لم يعد أمامنا خيار آخر. إنها حتمية عالمية، والمغرب اختار منذ سنوات هذه الاستراتيجية، وهو واع بهذه الوضعية. هناك قطاعات استعد فيها المغرب بشكل كبير وهناك قطاعات أخرى لا يزال أمامنا الكثير من الخطوات لتأهيلها. هناك أيضا برنامج أقرته منظمة التجارة العالمية لتحرير هذا القطاع تطبقه الدول الأعضاء ومنها المغرب بطبيعة الحال. فإضافة إلى سياسة الانفتاح التي ينهجها في إطار علاقات الامتياز مع بعض الدول، هناك عدد من الاتفاقيات الثنائية مع دول أخرى. إننا نسير بشكل تدريجي في هذا المجال. كيف تواجهون سياسة التكامل التي يعمل بها الاتحاد الأوروبي؟ أحسن سياسة نتبعها هي سياسة تنويع الأسواق. لقد أصبحت روسيا مثلا أكبر مستورد للخضر والفواكه المغربية. الشأن نفسه بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية و كندا، حيث إن الكليمانتين المغربي أصبحت له شهرة كبيرة في أسواق كندا. بالاضافة إلى أن دول أوروبا الشرقية، هي تطرق أبوابنا اليوم لاستيراد منتوجاته في هذا المجال. إن التحدي الحقيقي الذي يواجهنا، ليس التسويق بقدر ما أنه تحدي الانتاج. علينا العمل من أجل الوصول إلى منتوج ذي جودة عالية. ما هي الخطوات التي يقوم بها المغرب للابتعاد عن الاحتكار ولضمان التنافسية بين جميع المقاولات المغربية؟ أنا بصراحة، لا أقبل كلمة احتكار. إن ميكانزمات المنافسة هي مفتوحة في وجه الجميع. لنكن واضحين، إن المقاولة الصغيرة لايمكن لها الدخول للسوق العالمية، إلا في إطار شراكة كبيرة. إن الأمر يتعلق بالامكانيات، والدولة لا يمكن لها أن تقوم بدور البيع والشراء. فدور الدولة يتجلى في التخطيط، والتهييء والمساعدة والتحسيس وتوفير البنى التحتية، وهي مفتوحة في وجه الجميع. لقد دخل المغرب مرحلة التخطيط القطاعي، بحيث إن هناك توجها نحو قطاعات معينة. والدولة توفر لها كل الظروف لكي تكون في مستوى التنافسية الدولية. وهذه القطاعات هي معروفة للجميع، فالكل يعرف أن السياحة والصناعة التقليدية والنسيج والجلد والخدمات وقطاع السيارات و الالكترونيك والطيران وقطاع الفلاحة والصيد البحري، كلها قطاعات تحظى باهتمام كبير. ما هي استراتيجيتكم لتطوير هذه القطاعات؟ إن اختيار المغرب استراتيجية القطاعات جعلته يعتمد سياسة الاستهداف والتخصص، كما بينت في السابق، فالمغرب لا يمكن أن ينهج سياسة واحدة مع جميع الأسواق العالمية ومع جميع الدول المنخرطة في منظمة التجارة الخارجية. لا بد من الاستفادة من شروط المنافسة. لذلك فإن المغرب ونظرا للاتفاقيات التي تربطه مع دول الاتحاد الأوروبي واتفاقية التبادل الحر مع الولاياتالمتحدة الأميركية ومع الدول العربية وبعض الدول الأفريقية القريبة، جعلته يعتمد على سياسة الاستهداف والتمركز. إن المغرب مؤهل أكثر للعب دور مهم في التجارة العالمية نظرا لموقعه الاستراتيجي. ما هي شرعية النقد الذي يرى أن المغرب مرتبط أكثر بفرنسا؟ هناك شرعية نسبية لهذه القضية. ولكن إذا تأملنا الأرقام الحالية نرى أن فرنسا تراجعت في عدد من القطاعات في تعاملها مع المغرب لصالح دول أخرى. إن المغرب واع بهذه النقطة. ولهذا وقع المغرب عددا من الاتفاقيات مع بعض الدول العربية كتونس ومصر والاردن، وهناك بعض الاتفاقيات في اطار جامعة الدول العربية، كما أن هناك اتفاقية أغادير التي تضم كلا من تونس ومصر والأردن والمغرب لمواجهة التنافسية داخل الاتحاد الأوروبي. ولنا أيضا مشروع يتوجه للدول الاسلامية. إنها قضايا تتطلب مجهودات جبارة و مساهمة كبيرة من كل الأطراف. إن التجارة مع الدول العربية في تحرك مستمر، هناك بعض العراقيل مرتبطة أساسا بالتواصل، ونحن نعمل كل ما في وسعنا للتغلب على هذه العراقيل. يعتبر الألمان أيضا أن المغرب يوجه كل اهتمامته إلى فرنسا، كيف تردون على هذا؟ قد يكون ذلك صحيحا، نتيجة لعلاقاتنا التاريخية مع فرنسا، وأننا دائما نكتفي بما هو سهل وموجود. غير أن فرنسا نفسها بدأت تعي أن المغرب ينوع من أسواقه وأنه أصبح محط اهتمام الاستثمار العالمي، وهذا ربما ما دفع الرئيس ساركوزي للتصريح موجها كلامه للمستثمرين الفرنسيين قائلا:" إن المغرب ليس محمية لأحد". و هذه هي الرسالة التي حاولنا أن نسوقها من خلال هذا المعرض، فلقد حاولنا في لقاءاتنا سواء مع المسؤولين الحكوميين الألمان أو القطاع الخاص أن نبين لهم أن المغرب مفتوح في وجه الجميع. ولقد اكتشفنا أن المغرب يحظى بسمعة طيبة في ألمانيا، وعرف الألمان أن لنا استراتيجية عميقة. إنها الرسالة نفسها التي أبلغناها أيضا للمملكة المتحدة في لقاء آخر في المغرب.