شهدت العاصمة الألمانية برلين، حدثين مغربيين خلال يوم واحد . الأول، هو مشاركة المغرب في معرض دولي للخضر والفواكه، و الثاني تمثل في افتتاح المعرض المغربي للصناعة التقليدية، في أكبر متجر للبيع في أوروبا، والمعروف باسم "KaDeWe". و بين الحدثين، أثيرت أسئلة مهمة حول صورة المغرب شبه الغائبة في ألمانيا، ومستقبل العلاقات المغربية الألمانية. "" أكشاك مغربية فارغة في معرض برلين للخضر و الفواكه الزائر لجناح المغرب في المعرض الدولي للخضر و الفواكه في العاصمة الألمانية برلين، لابد وأن يلاحظ عددا من الهفوات التنظيمية. فالجناح المغربي موجود في موقع غير استراتيجي، بالمقارنة مع أجنحة البلدان الأخرى، حيث تم وضعه في الطابق السفلي للبناية التي تحتضن المعرض. وعندما دخلت بهو المعرض المغربي، لم أجد ما يثيرني. أكشاك لشركات مغربية فارغة، و غياب للاستجابة المطلوبة من طرف الجمهور الزائر، وهذا أمر مفهوم، فقد تم الاستعانة بخدمات عدد من الألمانيات، اللواتي قمن بعرض وتقديم الفواكه المغربية، و هذا ما جعل مهمة التواصل شبه منعدمة، في الوقت الذي يحتاج فيه الزوار و الشركات الألمانية و الأجنبية، إلى من يقدم لهم المعلومة الدقيقة و الوافية. ولذلك، فالاستعانة بخدمات شابات ألمانيات -لا يفهمن جيدا الثقافة و المنتوج المغربيين بالشكل المطلوب- في مثل هذه المعارض الدولية، يؤثر سلبا على الاقتصاد والمشاركة المغربية . كنت أنتظر أن تزول هذه الصورة السلبية التي اصطدمت بها منذ البداية ، لكن عندما التقيت بعدد من المهاجرين المغاربة، و منهم من قضى جل سنوات عمره في ألمانيا، أضحت الصورة أكثر قتامة . بعض هؤلاء المغاربة المهتمين بالمجال الفلاحي، كانت لهم الرغبة في معرفة أكبر و أفضل بالتسهيلات و الشروط اللازمة لتسويق المنتوج المغربي في الخارج، لكن محاولاتهم باءت بالفشل. وقد صرحوا لي بأنهم مروا بتجارب سيئة مع المنتوج المغربي المصدر إلى ألمانيا، و مازالت صورة الماضي مرسخة مع الأسف في أذهانهم . الفن المغربي يزين أكبر متجر أوروبي في برلين افتتح رسميا مساء الأربعاء المنصرم، كاتب الدولة لدى وزير السياحة والصناعة التقليدية المكلف بالصناعة التقليدية، السيد أنيس بيرو، المعرض المغربي للصناعة التقليدية، في "متجر الغرب "،وهو أكبر متجر في أوروبا ، معروف باسم "كا دي في". وحسب المصادر المغربية، يعد هذا المعرض الذي سيستمر إلى غاية الرابع عشر من مارس المقبل، ثمرة تفاوض و شراكة بين مجموعة "كارشتات بريميوم غروب" المالكة لمتاجر "كا.دي.في" و"دار الصانع". وسيقدم للمستهلك والزائر الألماني والأوروبي، مجموعة من المنتوجات التقليدية المغربية، المتعلقة بفنون الديكور وأدوات المطبخ، ومختلف سلع أسلوب العيش المغربي في كل من برلين وميونيخ وهامبورغ . وعندما زرت المعرض المغربي للصناعة التقليدية، اطلعت على علامات الفن المغربي، وهي تزين أروقة المتجر، و ستعرض خلال ستة أسابيع على مساحة 500 متر مربع ، تمتد من بهو المحل التجاري إلى مختلف أروقته، حيث سيتعرف زوار "كا.دي.في"، الألمان والأجانب، على جزء من التاريخ المغربي، وكذلك على مهارة الصانع المغربي . لكن أرباب متجر "كا دي في" ، أرادوا أن يقدموا بعض الفنون التقليدية المغربية، في حلة ألمانية ، خرجت عن سياقها الفني، كذلك التصميم الذي وضع داخل أول واجهة زجاجية . متجر يهودي و تاريخ مثير يعود تأسيس متجر كادي في إلى عام 1905 على يد تاجر يهودي يدعى "أدولف ياندورف" ،لكن افتتاحه الرسمي كان في عام 1907 .ومر هذا المتجر بمراحل عصيبة، و خصوصا خلال المرحلة النازية ، حيث فُرض على صاحب المحل تغيير اسم المتجر، و أطلق عليه اسم "هيرتي"، كما طرد جل عماله من اليهود . أما في عام 1943 ، فسيشهد سقوط طائرة على سطح المتجر، حرق على إثرها العديد من أجزاءه ، ليعاد ترميم طابقه الأول و الثاني، و إعادة فتحه من جديد عام 1950. وتصل إيرادات محلات "كا دي في" البرليني سنويا إلى 300 مليون يورو ، ويعمل فيها 2000 شخص ويضم 380 ألف منتوج، كما يستقبل يوميا حوالي 50 ألف زبون . وتعرض متجر "كا دي في" إلى أكبر عملية سلب مجوهرات الشهر الماضي، دفعت الصحافة الألمانية إلى طرح تساؤلات عدة، حول مكان جهاز الإنذار، ولماذا أنذرت الشرطة بعد عملية السلب بساعة تقريبا ، و لم يطلق الحراس الذين يراقبون شاشة الأمن صفارة الإنذار؟ والغريب حسب تقارير صحفية ، أن الشرطة أكدت وقوع عملية السلب في الساعة السادسة ، صباح يوم الاثنين 26 يناير الماضي، إلا أن بلاغ السرقة وصلها في السابعة والنصف، وكانت المجوهرات معروضة في الطابق الأرضي من المحل التجاري، وكلها من صنع كريست "Chist " المشهور بمجوهراته الثمينة. المصنوعات المغربية أمام اختبار ألماني، وتساؤلات حول صورة المغرب تساؤلات عدة أثيرت خلال الفعاليات المغربية المنظمة في برلين: ماذا حققت الشراكة بين المغرب و متجر "كا دي في" و ما هي آفاقها ؟ وما هو مستقبل الصورة المغربية في ألمانيا؟ في لقائي مع بعض المشرفين على الشراكة الجديدة بين المغرب و متجر "كا دي في "، أكدوا لي أن المفاوضات بين المغرب و" كا دي في" كانت ايجابية ، و سيخضع المعرض المغربي لمرحلة اختبار تنتهي بانتهاء مدة العرض، وسيليها تقييم ألماني لمعرفة مدى إقبال المستهلين الألمان و الأوروبيين على المصنوعات و المواد المغربية. المصادر المغربية، أفصحت كذلك عن مفاوضات جديدة ستجري في فرنسا شهر مايو المقبل، لإبرام اتفاق مشابه مع متاجر "لافايات" المعروف. عدد ممن حضروا أمسية افتتاح المعرض المغربي للصناعة التقليدية، أشادوا بالتنظيم الألماني وبالفرقة الموسيقية المغربية القادمة من المغرب، لكنهم أثاروا بعض الملاحظات النقدية. فالأمسية شابتها بعض الهفوات، من قبيل ضعف الترجمة "شبه الفورية" من اللغة العربية إلى اللغة الألمانية، والتي قام بها أحد موظفي السفارة ، إضافة إلى عملية التنشيط التي لم تكن مزدوجة اللغة، ما ترك العديد من المغاربة وخاصة القادمين من المغرب، في حيرة من أمرهم . فيبدو أن المسؤولين عن "كا دي في" قاموا بإجراءات تنظيم الحفل، و غاب عن ذهنهم أن لغة الضيوف هي العربية . وإذا كان البعض يقول بأن معرض الصناعة التقليدية المغربية في برلين، قد كسر جليد العلاقة المغربية الألمانية، فإن الحضور المغربي في العاصمة الألمانية هذا العام، سمح مرة أخرى، بطرح العديد من التساؤلات حول الصورة المغربية، و مستقبل العلاقات بين الرباط و برلين، التي تؤكد المعطيات و حصيلة السنوات الأخيرة، أنها تمر بفتور و مستقبلها، يوضع في شأنه العديد من علامات الاستفهام . http://falsafa.maktoobblog.com