إن من شيم المؤمن ومكارم أخلاقه، الشكر على النعم، واليوم بعد مضي ما يقارب ثلاثة أشهر من حالة الطوارئ والحجر الصحي التي أقرتها الدولة المغربية. بتوجيهات من أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس أعزه الله، وبما أننا على مقربة من رفع الحجر كان لزاما علينا أن نشكر الله تعالى أولا على نعمة الأمن والأمان التي من الله بهما علينا. ثم نتوجه بالشكر إلى جميع المسؤولين الذين أبلوا البلاء الحسن طيلة هذه المدة بعيون متيقظة مع ما اقتضاه المقام من حزم وعزم. والحقيقة تقال: إن بلدنا عبرت هذه المدة بأسلوب راق. ينم عن مستوى رفيع مع هذه الجائحة وكأننا أمام خطط مرسومة وموضوعة سلفا. وانطلق من البداية، فالوباء الذي حل بالعالم وباء غير معروف. مما جعل التعامل معه يعرف تخبط معظم دول العالم، غير أن بلدنا حباها الله بملك همام يقدر المسؤولية الملقاة على عاتقه، فاختار سلامة شعبه على ما سواه. أولا، ثانيا تم عزل الوطن عن العام الخارجي زيادة في الاحتراس، فتوقفت الملاحة الجوية والبحرية. وعلقت كل الأنشطة التجارية إلا ما تعلق بمأكل ومشرب الناس مع تدابير صارمة. وبالسرعة القصوى نفسها جهزت المستشفيات وبنيت أخرى ميدانية، تلاها ذلك القرار الصائب بجعل الطب العسكري جنبا إلى جنب مع الطب المدني والعمل يدا في يد لتوفير غرف الإنعاش وكذا الوسائل اللوجستيكية للتغلب على الوضع، فكانت النتائج مبهرة. ومع التوجيهات الملكية تمكن المغرب من تصنيع الكمامات بطريقة خلاقة وبيعها بثمن رمزي لعموم المغاربة في ظرف وجيز جدا، وهنا تظهر جليا عبقرية الماسك بأمور البلاد. ولا يمكن لعاقل أن لا يرى هذه الإنجازات، وهذا التسيير المحكم لهذا الظرف الدقيق الذي حير العالم، وخلف رعبا وموتا في كل أنحاء المعمورة. قد يختلف معي البعض ويقولون هذا واجب الدولة وعليها أن تعمل أكثر فأقول: إن لكل مقام مقال، فنحن اليوم نقيم هذه الحالة الحرجة التي شل فيها العالم أجمع، وبدا الكل خائفا مرعبا إلا هذا البلد بحمد الله أينما توجهت تجد كلما تريد. فالخضر، اللحوم، الفواكه، وكذا المواد الغذائية متوفرة بنفس الوتيرة التي كان عليها الأمر قبل الجائحة، ثم انطلقت حملات التضامن في كل الجهات. إن تدبير إرسال الإعانات إلى المواطنين أمر يتطلب جيشا من العاملين والموظفين والخبراء والمحاسبين، ومع ذلك ثم الأمر في زمن قياسي لذا لا يجب أن نبخس هذه المجهودات الجبارة. فالدول التي تعتبر نفسها ذات قدرات عالية، وتفوق صناعي وعلمي، لم تتعامل مع الجائحة بالكيفية التي تعامل بها المغرب. مما جعله محل اعجاب من عدد من المنابر الصحفية العالمية كما أشاد بذلك عدد من الخبراء الدوليين. وهذا فخر لنا وأي فخر. ولا يسمح المجال أن نسرد كل الانجازات التي حققها المغرب في هذا الظرف العصيب. ولكن على المغاربة ان يثقوا في بلدهم. كما أن الدولة المغربية وجب عليها أن تعيد النظر في عدد من الأمور. أتوجه أصالة عن نفسي وعن المغاربة قاطبة، أقول قاطبة لأن هناك قلة قليلة لا يعجبها أي شيء ولا ترضيها أي نتائج كيفما كانت. فإلى كل من ساهم من قريب أو بعيد ضمن هذه المنظومة التي عملت طيلة هذه المدة من أطباء وممرضين وأطر صحية وصيادلة ومساعدتهم، شكرا يليق بما قدموه من تضحيات جسام، سيحفظ لهم التاريخ هذا العمل الجليل والجبار الذي قاموا به. وأرفع القبعة لرجال الأمن والسلطة الذين سهروا على أمن بلدنا من جميع الجوانب وتحلوا برزانة منقطعة النظير، وصبر وجلد على مختلف مستوياتهم، يستحقون منا الاعتراف بل الوقوف لهم إجلالا. ولن ننسى الجيش المغربي والذي يمثل شرف هذه الأمة وحامي ثغورها، فقد ساهم بشكل فعال في زرع الاطمئنان في نفوس الأمة المغربية، فشكرا للجميع، من لم يشكر الناس لم يشكر الله. والشكر موصول إلى كل مغربي صالح امتثل للأوامر وقام بالحجر الصحي. وهنا أتوجه إلى عموم المواطنين أن يأخذوا حذرهم بعد رفع الحجر الصحي وأن يوصوا أولادهم ومن في عهدتهم، فالوضع يحتاج إلى تحسيس الجميع حتى نكسر شوكة هذا الفيروس لذا فالحذر الحذر! حتى لا تضيع كل الجهود الجبارة التي قام بها الجميع دولة ومواطنين ونعود إلى الحجر ثانية فقد بلغ السيل الزبا، فاعقلوا. واليوم آن لنا أن نعتمد إن شاء الله على نفوسنا ونفخر بوطننا ونؤهل شبابنا الذي أبان على قدرة خارقة في الابتكار والاختراع، فلو أتيحت لهم الوسائل والاهتمام اللازم سوف نسرع الخطى وراء هذا الملك المقدام والذي أعتبره بكل صدق مفخرة الملوك العلويين، دمت لهذا الوطن حتى تسكن كل مغربي في قلب هذا البلد الحبيب.