تلجأ البنوك المغربية إلى ترْك الحسابات البنكية لزبنائها مفتوحة رغم عدم استعمالها لمدة تزيد على السنة، فتترتّب عليهم ديون يطالَبون بأدائها، رغم أن القانون يُلزم البنوك بإغلاق كل حساب بنكي لم يستخدمه صاحبه لمدة سنة، ولأن كثيرا من المواطنين ليسوا ملمّين بحقوقهم المكفولة لهم قانونا، فإنهم يؤدون الديون المترتبة عليهم، وتكون أحيانا كبيرة جدا. يوم الجمعة الماضي، بتّت المحكمة الابتدائية بمدينة تيفلت في قضية من هذا النوع، طرفاها مواطن مغربي ومؤسسة بنكية رفعت ضد الطرف الأول دعوى قضائية في شهر ماي الماضي، تدعي فيها بأنها دائنة للمدَّعى عليه بحوالي ثمانية آلاف وستمائة درهم، مطالبة المَحكمة بالحُكم عليه بأداء مبلغ 16.584 درهما، مع الحُكم بالفوائد وتعويض عن التماطل بقيمة 1500 درهم. المحكمة الابتدائية بتيفلت، برئاسة القاضي محمد الكوسي، وبعد فحصها لأوراق الملف، رفضت طلب المؤسسة البنكية صاحبة الدعوى، بعدما تبيّن لها أنّ الدَّين الذي طالبت المؤسسة البنكية زبونَها بأدائه ناتج عن الرصيد السلبي لحساب المدَّعى عليه لمدة تزيد على سنة، أي أن رصيده كان فارغا خلال هذه المدة، دون أن يتم إغلاقه رغم توقف حركيّته، كما ينص على ذلك القانون. ووفق مقتضيات المادة 503 من مدونة التجارة، فإنه "وجب أن يوضع حد للحساب المَدين بمبادرة من البنك إذا توقف الزبون عن تشغيل حسابه مدة سنة من تاريخ آخر عملية دائنة مقيّدة به"، وفي هذه الحالة، تضيف المادة نفسها، "يجب على البنك قفل الحساب، وإشعار الزبون بذلك بواسطة رسالة مضمونة في آخر عنوان يكون قد أدلى به لوكالته البنكية". وعند قيام الوكالة البنكية بإيقاف الحساب البنكي للزبون، وإشعاره برسالة مضمونة، فإن القانون يكفل للزبون الاحتفاظ بحسابه المقفل، في أجل ستين يوما، وذلك بالمبادرة إلى التعبير عن نيته في الاحتفاظ بحسابه داخل هذا الأجل، وإذا لم يفعل ذلك، فإن حسابه البنكي يُعتبر مقفلا. وفي القضية التي نظرت فيها المحكمة الابتدائية بمدينة تيفلت، تبين لهيئة الحكم، بعد اطلاعها على الكشوفات الحسابية، أن حساب المدَّعى عليه لم يسجل أية حركة دائنة لمدة تفوق السنة، وأن المبالغ التي طالبتْ بها المؤسسة البنكية ناتجة عن حركة سلبية للحساب تتجاوز السنة. واستنادا إلى هذه المعطيات، اعتبرت المحكمة ذاتها أن المؤسسة البنكية صاحبة الدعوى يتوجب عليها أن تقوم بإقفال الحساب البنكي لزبونها المدعى عليه وإشعاره بذلك، ثم بعد ذلك تصفية الحساب داخل فترة زمنية وبانتهائها يتحدد الرصيد النهائي بقوة المادة 504 من مدونة التجارة. واعتبرت المحكمة، بناء على مقتضيات المادتين 503 و504 من مدونة التجارة، أن عدم قيام البنك المدّعي بالإجراءات التي أوجبتْها عليه هاتان المادتان "يجعل دعواه غيرَ مسموعة ويتعين التصريح بعدم قبولها"، محمّلة إياه صائر الدعوى التي خسرها.