يعقد وزراء مالية مجموعة العشرين ومحافظو المصارف المركزية، السبت، محادثات لمحاولة تحفيز الاقتصاد العالمي في ظل الركود الناجم عن فيروس كورونا المستجد، وسط تزايد الدعوات لتخفيف عبء الديون على البلدان الفقيرة. وتأتي المحادثات الافتراضية التي تستضيفها السعودية في وقت يواصل الوباء إلحاق الضرر بالاقتصاد العالمي؛ بينما يحذّر نشطاء من أزمة ديون تلوح في الأفق في الدول النامية التي تعاني الفقر. وقال منظمو الاجتماع في الرياض، في بيان، إن الوزراء ومحافظي المصارف "سيناقشون الآفاق الاقتصادية العالمية وينسّقون العمل الجماعي من أجل انتعاش اقتصادي عالمي قوي ومستدام". وتنعقد المحادثات التي يرأسها كل من محمد الجدعان، وزير المالية السعودي، وأحمد الخليفي، محافظ المصرف المركزي، غداة انطلاق قمة تستمر يومين وتجمع قادة الاتحاد الأوروبي وجها لوجه للمرة الأولى منذ خمسة أشهر لمناقشة خطة إنقاذ اقتصادية لمرحلة ما بعد الفيروس. وحذّرت كريستالينا جورجييفا، المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي، من أنه على الرغم من بعض علامات الانتعاش، فإن الاقتصاد العالمي يواجه رياحا معاكسة بما في ذلك احتمال حدوث موجة ثانية من وباء كوفيد-19. وقالت في رسالة موجهة إلى وزراء مالية مجموعة العشرين: "لم نتغلب بعد" على الأزمة، محذرة من أن "موجة عالمية ثانية من المرض يمكن أن تسبّب اضطرابات جديدة في النشاط الاقتصادي". وقال الصندوق، الشهر الماضي، إنه خفض توقعاته للنمو، متوقّعا تراجع الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 4,9 في المائة هذا العام بسبب انكماش أكبر خلال مرحلة الإغلاق عما كان متوقعا في السابق. وذكرت جورجييفا أن التحفيزات، التي قدّمتها دول مجموعة العشرين بقيمة 11 تريليون دولار، ساعدت على منع حدوث نتائج أسوأ؛ لكن "يجب الحفاظ على شبكات الأمان هذه حسب الحاجة، وفي بعض الحالات، توسيعها". كارثة وشيكة في أبريل الماضي، أعلنت دول مجموعة العشرين تعليق سداد الديون لمدة عام للدول الأكثر فقراً في العالم. وانتقد نشطاء هذا الإجراء باعتباره غير ملائم إلى حد كبير لدرء آثار الوباء. وستطلب فرنسا، خلال اجتماع السبت، تمديد التجميد الموقت "لخدمة الديون" التي تستفيد منها الدول الأكثر فقراً، وفق ما أعلن برونو لومير، وزير الاقتصاد، الجمعة، محذّرا من أنّ "الأزمة الاقتصادية ستستمر في عام 2021 في جميع أنحاء العالم". وحتى الآن، تقدّمت 41 دولة من أصل 73 من أفقر دول العالم بطلب تعليق خدمة الديون؛ ما أدّى إلى توفير ما يصل إلى 9 مليارات دولار هذا العام، وفقًا لمنظمات "أوكسفام" و"كريستيان إيد" و"غلوبال جاستيس ناو". وذكرت المنظّمات، في تقرير، الخميس، أن الدول ال73 لا تزال ملزمة بدفع ما يصل إلى 33,7 مليارات دولار لتسديد الديون حتى نهاية العام. وقالت شيما فيرا، المديرة التنفيذية المؤقتة لمنظمة "أوكسفام"، إنّ الاقتصاد العالمي "تضرّر من فيروس كورونا بشكل أكبر من التوقّعات التي رأيناها في أبريل"، مضيفة: "لدى وزراء مالية مجموعة العشرين دور في تجنب كارثة وشيكة لمئات الملايين من الناس". وتابعت: "يجب جعل (مبادرة تعليق سداد الديون) ملزمة قانونيا لإلغاء جميع مدفوعات الديون، بما في ذلك مدفوعات الديون الخاصة ومتعددة الأطراف حتى نهاية عام 2022، على أن تشمل أيضًا البلدان ذات الدخل المتوسط". عدم مساواة ودعت منظمة العفو الدولية، من جهتها، دول مجموعة العشرين إلى "إلغاء الديون المستحقة على الدول الأكثر فقراً على الأقل في العامين المقبلين". وقالت جولي فيرهار، الأمين العام بالإنابة للمنظّمة، إن "كوفيد-19 كشف عن عدم المساواة الكبير في عالمنا"، مضيفة "إذا أردنا بناء القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات المستقبلية، فنحن بحاجة إلى إجراء تغييرات هيكلية طويلة الأجل تتطلب الشجاعة والقيادة من دول مجموعة العشرين". وأعلن فيليبي سولا، وزير الخارجية الأرجنتيني، إنه سيحث مجموعة العشرين على إنشاء "صندوق عالمي قائم على التضامن" لمعالجة زيادة الفقر في البلدان التي تعاني جراء الفيروس. وقال لصحافيين في بوينس آيرس: "نريد قرارات بشأن الديون ليس فقط للدول الأكثر فقرا، لكن أيضا للدول المتوسطة الدخل الفقيرة". لكن لم يتضح مدى تقبّل مجموعة العشرين لهذه المطالب. وتنازع أكثر 20 دولة صناعية في العالم للدفاع عن اقتصاداتها التي أصابتها إجراءات الحد من انتشار الفيروس في الصميم، وسط توقعات بتفاقم الركود الاقتصادي. وفي الشهر الماضي، قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إن إجراءات الحد من الوباء تسببت في انخفاض قياسي بنسبة 3.4 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي لاقتصادات مجموعة العشرين في الأشهر الثلاثة الأولى من عام 2020. وهذا أكبر انخفاض منذ أن بدأت الوكالة، التي تتخّذ باريس مقراً، في جمع البيانات في عام 1998. *أ.ف.ب