يعيش مغاربة لبنان أوضاعاً اقتصادية ومعيشية غير مسبوقة بسبب دخول هذا البلد العربي في أزمة مالية خانقة قبل وبعد فيروس "كورونا"، حتى بات ملايين من سكانه وضمنهم مئات المغاربة مهددين بالجوع. وأطلقت مغربيات يعشن في لبنان صرخة من أجل تدخل السلطات المغربية قصد توفير خط جوي مباشر بين بيروتوالدارالبيضاء، وبأسعار تذاكر معقولة بعد انهيار قياسي لسعر الليرة أمام الدولار. واستثنت عملية فتح الحدود الاستثنائية التي تنطلق اليوم الثلاثاء لبنان من قائمة البلدان المشمولة بفتح المجال الجوي رغم الهشاشة الاقتصادية التي يعاني منها أفراد الجالية المغربية أو العالقون. انهيار لبنان حذرت منظمات دولية من مجاعة غير مسبوقة تتهدد سكان لبنان جراء انتشار فيروس كورونا المستجد والقيود المتخذة لمكافحته في بلد ظل يشهد أساساً انهياراً اقتصادياً واضطرابات سياسية قبل الجائحة. وتقول مغربية تعيش في لبنان: "إننا نعيش أوضاعاً كارثية هنا على جميع المستويات، حيث أغلب اللبنانيين المتزوجين بمغربيات يعيشون اليوم عطالة بسبب إعلان معظم الشركات إفلاسها". وارتفعت أسعار المواد الأساسية في لبنان بشكل خيالي، بل حتى سعر الخبز يشهد ارتفاعاً يوميا بنسبة 30 في المائة، ما خلف احتجاجات شعبية في معظم مناطق لبنان. وقالت المغربية المتزوجة من لبناني في تصريح لهسبريس: "جميع أسعار المواد الغذائية مضروبة في عشرة اليوم"، مشيرة إلى أن "مليون ليرة كانت تساوي قبل الأزمة ألف دولار لكن اليوم تساوي حوالي 2000 درهم مغربية". "الحياة باتت مستحيلة في لبنان.. السلطات تقطع علينا الكهرباء بالساعات في اليوم ونعيش في الظلام، بل حتى المواد الغذائية التي نقتنيها بأسعار مرتفعة جداً يكون مصيرها الضياع بسبب انقطاع الكهرباء عن الثلاجة"، تورد المتحدثة. مغربية أخرى متزوجة في لبنان تحكي عن الأوضاع نفسها لهسبريس قائلة: "راتب زوجي الشهري يساوي اليوم 200 دولار"، وتضيف: "أريد أن أخرج من هذا البلد.. فقدنا جميع الأموال التي راكمتها في الغربة.. الليرة لم تعد تساوي شيئاً". وتضيف المغربية ذاتها في تصريحها: "لم نعد قادرين على شراء اللحم والدجاج منذ أشهر.. نذهب إلى "السوبر مارشي" لنشتري فقط الأساسيات لكي لا نموت بالجوع"، وزادت: "كيلوغرام واحد من الدقيق مثلاً يساوي 50 درهما مغربية..لا يمكن أن تتخيل الغلاء في هذا البلد اليوم". تذاكر خيالية يشتكي مغاربة لبنان من غلاء تذاكر السفر الجوية غير المباشرة إلى المغرب؛ وتقول مغربية في هذا الصدد: "إذا أردت أن أحجز تذاكر سفر لي ولأولادي إلى المغرب أحتاج إلى 60 ألف درهم تقريباً، ومع تدهور الليرة في لبنان فإن هذا المبلغ هنا يعادل 60 مليون سنتيم تقريباً". ويطالب مغاربة لبنان بتخصيص رحلات جوية مباشرة من بيروت إلى الدارالبيضاء، لأن السفر عبر تركيا عبارة عن رحلة من العذاب بحسبهم، خصوصا أن السلطات المغربية تفرض التأشيرة على الأزواج اللبنانيين لظروف أمنية خلافاً لباقي دول العالم. وحسب إفادات مغربيات في لبنان فإن قرار منع أزواجهم اللبنانيين من السفر يفاقم معاناتهن أكثر فأكثر، داعيات الحكومة المغربية إلى تخصيص طائرة في أسرع وقت لتخرجهن من المجاعة التي تطرق أبواب لبنان. "نحن غير مجبرين على تحمل هذه الأوضاع السياسية والاقتصادية هنا.. وبالنسبة لي فقد قررت أن أعود نهائيا إلى المغرب لأن الأوضاع تسير نحو المجهول في لبنان"، تضيف مغربية في تصريح لهسبريس. وتحكي سيدة مغربية أخرى قصة معاناتها مع حجز تذاكر العودة إلى الوطن قائلة: "في شهر فبراير اشتريت تذكرة رفقة ابني بألف دولار من الخطوط المصرية، لكن الإشكال أن المغرب لم يفتح حدوده مع مصر، إضافة إلى أنه حصر السفر فقط مع الخطوط الملكية والعربية للطيران"، وأضافت أن "المغرب هو البلد الوحيد الذي منع حتى إمكانية تحويل التذاكر من خطوط جوية أخرى إلى الخطوط المغربية، بالإضافة إلى منعه بقية الخطوط الجوية التي توفر تذاكر بأسعار معقولة من تأمين الرحلات إلى المملكة". ووفق المتحدثة فإن الحجز عبر شركة الخطوط الملكية المغربية يكلف حوالي 1750 دولارا للفرد الواحد، أي حوالي ثلاثة ملايين سنتيم، ما يعني أن الرحلة مع ابنها ستكلفها 6 ملايين سنتيم مغربية، علما أن الليرة لم تعد تساوي شيئا، بتعبيرها. وتأسفت الجالية المغربية لعدم مراعاة المملكة أوضاعها في لبنان رغم أن معظم أفرادها فقدوا وظائفهم قبل وبعد الأزمة؛ إذ تؤكد مغربية أن راتبها الشهري، وهو مليونا ليرة، الذي كان يساوي قبل ستة أشهر 1400 دولار، باتت اليوم قيمته 200 دولار، وتضيف قائلة: "كيف لنا أن نشتري التذاكر بالدولار كما تطلب "لارام"؟ كان عليهم أن يحاسبوننا بقيمة الليرة اليوم". وانتقد عالقون مغاربة وأفراد من الجالية في لبنان تعقيدات "رحلة الجحيم" بإضافة اختبار (PCR) لا تقل مدته عن 48 ساعة، ثم اختبار سيريلوجي، مشيرين إلى أن هذا الأمر لا يمكن الالتزام به لأن الرحلة غير المباشرة قد تستغرق أكثر من 48 ساعة عبر تركيا.