حققت أسهم شركات التكنولوجيا مكاسب حتى قبل تفشي "كوفيد-19"؛ لكن التحوّلات السلوكية خلال فترة تفشي الوباء رفعت مستوى أسهم القطاع إلى حدود عليا، لتترك بذلك سوق الأسهم الأوسع يلهث خلفها. وسجّل مؤشر ناسداك المركّب، الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا، مستويات قياسية عند الإغلاق في ست من جلساته السبع الأخيرة؛ ما انعكس على ثقة المستثمرين بأن شركات التكنولوجيا تستفيد من قواعد "التزام المنازل" التي شكّلت ضربة لشركات الطيران والفنادق والمتاجر. وقال دان إيفز، المحلل لدى "ويدبوش سكيورتيز"، الذي يعتقد بأنه لا يزال بإمكان كبرى شركات التكنولوجيا تحقيق مكاسب إضافية بنسبة 30 في المائة هذا العام: "هناك رابحون وخاسرون واضحون في السوق حاليا". وأضاف: "من وجهة نظر الرابحين، هناك ضوء مسلّط بوضوح على أسماء في قطاع التكنولوجيا". وقال كوينسي كروسبي، كبير الخبراء في إستراتيجية السوق لدى "برودنشال فاينانشال"، إن شركات التكنولوجيا هي "جانب اليقين" في فترة الضعف الاقتصادي. ويعني الارتفاع الأخير أن خمس شركات فقط ضمن ما باتت تعرف بمجموعة "فاانغ" (وهو اختصار لفيسبوك وآبل وأمازون ونتفليكس وغوغل) باتت تشكّل أكثر من 20 في المائة من قيمة مؤشر "إس اند بي 500". وفي حين يبدو أن ارتفاع عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد في الولاياتالمتحدة شكّل محرّكا للارتفاع الأخير، إلا أن السياسة هي على الأرجح أكبر مصدر قلق لهذه الصناعة، بحسب محللين. ومن المقرر أن يمثل الرؤساء التنفيذيون لكل من آبل وغوغل وفيسبوك وأمازون أمام كابيتول هيل، في 27 يوليوز، في جلسة استماع بشأن قضايا مكافحة الاحتكار؛ ما يثير مخاوف على الأرجح من إمكانية تجاوز مصالح الحكومات إحداث ضجيج سياسي فحسب. وقال إيفز إن "27 يوليوز يوم مهم لرؤية ما إذا سيكون مناسبة سياسية للفت الأنظار أم مجرّد بداية تحرّك أوسع بكثير في ما يتعلّق بتفكيك هذه الشركات". ويتفق كروسبي بأن السياسة لا تزال عاملا لا يمكن التنبؤ بنتائجه. وفي حال فاز المرشّح الديمقراطي جو بايدن بانتخابات الرئاسة الأمريكية في نونبر، فقد يزيد ذلك من فرص اتّخاذ واشنطن خطوات أكثر تشددا". "صفقة رابحة" ويتوقع أن تكون شركات التكنولوجيا الكبرى في وضع جيّد في فترة إعلان الإيرادات المقبلة، والتي تبدأ هذا الأسبوع. وبينما تراجعت عائدات شركات الطيران والسياحة البحرية بنسبة 90 في المائة أو أكثر خلال فترات من الربع الثاني من العام، يتوقع أن تحقق شركات تكنولوجيا عملاقة على غرار أمازون ونتفليكس مكاسب بنسبة تتجاوز 20 في المائة، بحسب محللي وول ستريت. وينوّه ديفيد كوتوك، المؤسس المشارك لشركة "كامبرلاند أدفايزرز"، إلى أن ارتفاع مؤشرات ناسداك يعكس كذلك المكاسب التي حققتها شركات التكنولوجيا الحيوية التي تعمل على تطوير لقاحات وعلاجات لكوفيد-19. وقال إن القطاع بات "صفقة رابحة اليوم. تنفق شركات الرعاية الصحية اليوم وستأتي العائدات غدا". وأضاف كوتوك: "لا أعتقد أنها مجرّد فقاعة". وبينما يعد نجاح ناسداك المؤشر الأوضح على تحسّن قطاع التكنولوجيا، يعكس مؤشر "إس اند بي 500" المتنوع كذلك ازدياد أهمية القطاع. ومع تفشي كوفيد-19، أزال المؤشر شركة "هارلي ديفيدسون" لتصنيع الدراجات النارية ومتجري "نوردستروم" و"مايسيز" واستبدلها بأسماء أقل شهرة على غرار "تايلر للتكنولوجيا" و"مختبرات بيو-راد". وأفاد هاوارد سلفربلات، كبير المحللين لدى "مؤشرات إس أند بي داو جونز"، إن وتيرة التغيير قد تتسارع إذا تفاقمت تداعيات أزمة فيروس كورونا المستجد. وقال سلفربلات "على المؤشر في مرحلة ما أن يتفاعل مع السوق والاقتصاد". فقاعة تيسلا؟ وتسيطر مجموعة "فاانغ" لتكنولوجيا المعلومات حاليا على نحو 28 في المائة من "إس اند بي 500"، مقارنة ب16 في المائة عام 2010. ورفض سلفربلات التعليق على التكهنات بأن "تيسلا" ستدرج قريبا في "إس اند بي". وتشمل شروط إضافة الشركات إلى المؤشر نشر أرباحها على مدى أربعة فصول متتالية، وهو أمر تستوفيه تيسلا عندما تعلن نتائجها في 22 يوليوز. وارتفعت أسهم الشركة المصنّعة للسيارات الكهربائية بشكل كبير مؤخرا، لتتفوق على غيرها من شركات التكنولوجيا، إذ باتت أسهمها تتداول بمستويات أعلى بأربع مرّات عن مستوياتها في منتصف مارس. وعلى الرغم من أن تيسلا واجهت صعوبات في البداية في تحقيق أرباح، فإن التحسن الذي حققته جعل منها أكبر شركات سيارات في العالم لجهة القيمة السوقية، لتتفوّق بشكل كبير على "تويوتا" و"جنرال موتورز" وغيرهما من شركات تصنيع السيارات التقليدية العملاقة التي تتجاوز مبيعاتها للسيارات بشكل كبير مبيعات "تيسلا". لكن يعتقد البعض أن التحسّن الذي حققته "تيسلا" خرج عن السيطرة، من بينهم محللون لدى "جي بي مورغان تشيس" الذين أشاروا إلى "تقديرات قيمة كبيرة ترافقها توقعات كبيرة من المستثمرين ومخاطر تنفيذ عالية". *أ.ف.ب