كشف مشروع قانون المالية المعدِّل لسنة 2020، الذي تبتغي الحكومة تمريره من البرلمان لتدبير تداعيات "أزمة كورونا" على الاقتصاد الوطني، سعي المدبّر التنفيذي إلى الرفع من الرسوم الجمركية الخاصة بالاستيراد. ووفق المستند نفسه، الذي تتوفر جريدة هسبريس الإلكترونية على نسخة منه، فإن وزارة الاقتصاد والمالية تقترح على غرفتَي البرلمان زيادة هذه الرسوم إلى نسبة 40%، بينما كان قانون المالية ل2020 رفعها ب5 نقط من 25% إلى 30%. مشتغلون في مجال الاستيراد قالوا لهسبريس، ضمن تصريحات متطابقة، إن هذا الخيار لن يضرّ بمصالح مورّدي السلع الأجنبية إلى الأسواق المغربية، لكن أثره الكبير سينعكس على المستهلك النهائي بشكل واضح. وأضاف المصرحون أنفسهم أن الموردين، مهما كان ميدان نشاطهم، يعملون على زيادة نفقات الجمركة في أثمان البضاعة الوافدة على المغرب، ويتم ذلك خلال مراحل الترويج بالجملة ونصف الجملة ثم التقسيط، والدفع على آخر مستهلك، الذي ليس إلاّ المواطن، مؤكدين أن الرسوم لا تستثني حتى المنتوج المغربي الذي يوجه إلى الخارج ويعاد إدخاله إلى البلاد. مذكرة تقديم مشروع قانون المالية المعدّل تعلن أن الهدف يبقى تحسين المداخيل الجمركية التي تحصّل من رسوم الاستيراد، وتشجيع الإنتاج المحلي وخفض عجز الميزان التجاري، خاصة أن السياق الدولي يتميز بأزمة صحية أفضت إلى تراجع الاقتصاد العالمي. "أصبح من الضروري حماية الإنتاج الوطني لمواكبة الجهود المبذولة من أجل دعم المقاولات في وضعية صعبة، كما أن الضغط على الاحتياطات الوطنية من الصرف يفرض اتخاذ تدابير تعوض الواردات بالمنتوج الوطني"، تضيف الوثيقة. الحكومة، من خلال وزارة الاقتصاد والمالية العاملة على صياغة مشروع "مالية 2020 المعدِّل"، تدعو البرلمانيين إلى الموافقة على "رفع رسوم استيراد بعض المنتجات المكتملة الصنع، الموجهة للاستهلاك، إلى 40% في حدود النسب المكرسة من المغرب على مستوى منظمة التجارة العالمية". ويرى المهنيون أن هذا المعطى، عند طرحه للنقاش في اللجنة البرلمانية المختصة بغرفتي المؤسسة التشريعية، كفيل بإثارة الجدل حول التأثيرات غير المرغوب في انعكاسها على الاقتصاد المغربي، سواء في شق التشغيل أو المس بالقدرة الشرائية. ويضيف المصرحون لهسبريس من الموردين أن الميسورين لن يستشعروا مثل هذه الزيادات، بالنظر إلى وضعهم المالي المريح، لكن الكم الكبير من المستهلكين هم من الناس البسطاء، وهم من سيدفعون الفاتورة الضخمة لهذا التوجه حين الإقبال على البضائع الواردة من دول كثيرة في مقدمتها الصين؛ كما يؤكدون أن الإنتاج الوطني لا يتعامل مع كثير من حاجيات المغاربة، وحجم الإنتاج المحقق في بعض السلع غير كاف لتلبية الطلب الوطني، وبالتالي يكون الاستيراد حلا وحيدا لتمكين المواطنين ممّا يريدون؛ خصوصا في الألبسة والأجهزة الإلكترومنزلية والعتاد الإلكتروني.. وغيرها. "مناصب شغل كثيرة يتم تهديدها بالضغط على الموردين ماليا، إذ إن تضييق الخناق على حجم الرواج في هذا النشاط الحيوي يؤثر على مستقبل خلق مناصب الشغل المباشر وغير المباشر، والحفاظ عليها، كما أن الغلاء يدنو أكثر من جيوب أجراء لا تستثنيهم أزمة كورونا من تأثيرها"، يسترسل الفاعلون الاقتصاديون في تصريحاتهم المتقاطعة. وفي وقت يغيب موقف واضح من جمعيات حماية المستهلك بشأن هذا المعطى الجبائي، بسبب إعلان مشروع قانون المالية المعدل لسنة 2020 قبيل ساعات قليلة، يبقى اليقين أن البضائع الوافدة على المستهلك المغربي من الخارج سترتفع جمركتها ب15% خلال سنة واحدة، أي من 25% عام 2019 إلى 40% في ما تبقى من السنة المالية الجارية.