قال ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، إن المملكة المغربية ترى في الشريك الصيني عامل توازن مطلوبا في التعاطي مع القضايا العربية الكبرى، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وتابع بوريطة، في كلمة عبر تقنية "المناظرة المرئية" أمام الدورة التاسعة للاجتماع الوزاري لمنتدى التعاون العربي الصيني الذي انعقد الإثنين برئاسة أردنية صينية، أن "الصين تمثل عامل توازن من أجل دعم مسار السلام كخيار استراتيجي لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والوصول إلى حل عادل، دائم وشامل يمكن الشعب الفلسطيني من استرجاع حقوقه المشروعة، وإقامة دولة مستقلة، قابلة للحياة وذات سيادة، عاصمتها القدس الشرقية، ويضمن لكل شعوب المنطقة العيش في أمن واستقرار ووئام". وقال الوزير إن المغرب يرى في الصين أيضا "شريكا موثوقا في العلاقات الثنائية"، مذكرا في هذا الإطار بالشراكة الاستراتيجية القوية التي تربط المملكة المغربية بجمهورية الصين الشعبية، مسجّلا في الوقت ذاته أن التعاون المغربي الصيني شهد طفرة نوعية متميزة منذ الزيارة التاريخية للملك محمد السادس إلى بكين في ماي 2016، التي تم خلالها التوقيع على "الشراكة الاستراتيجية الشاملة" بين البلدين، وكذا توقيع مذكرة تفاهم سنة 2017 بشأن انضمام المغرب إلى مبادرة الحزام والطريق، التي ترجمت إلى نتائج ملموسة في علاقات التعاون بين البلدين، أدت إلى تبوّؤ المملكة المرتبة الثانية من حيث جذب الاستثمارات الصينية بإفريقيا بأزيد من 80 مشروعا مهما في مختلف أرجاء البلاد. وأبرز ناصر بوريطة أن الصين تعتبر أيضا عنصرا محوريا لتعزيز الشراكة مع دول الجنوب عموما والدول العربية خصوصا، مضيفا في هذا الإطار أن "طموحنا اليوم، بعد مرور 16 سنة على إطلاق هذا المنتدى، هو الانتقال من مرحلة التشاور والحوار إلى مرحلة إطلاق برامج فعلية ومبادرات ملموسة تنسجم مع سعينا إلى تحقيق السلم والأمن والتنمية لشعوبنا ولمنطقتنا، وفق منطق رابح-رابح". وعبر وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج عن الأمل في أن يشكل البرنامج التنفيذي 2020-2022 إطارا تنفيذيا فاعلا لبرامج التعاون العربي الصيني من أجل إعطاء دفعة قوية لمشاريع هذا التعاون، والارتقاء بها نحو آفاق واعدة ومستدامة. ولفت الوزير إلى أن تقوية التعاون العربي الصيني ستشكل رافدا هاما ينضاف إلى الروافد الأخرى للحوار والتعاون والتضامن التي نسجها العالم العربي منذ عقود مع شركاء آخرين، دولا كانوا أو منظمات أو تكتلات سياسية أو اقتصادية، معبّرا، في السياق نفسه، عن التطلع لتطوير العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية نحو مزيد من التعاون في الميادين المرتبطة بالتنمية المستدامة، والاستثمار المنتج للثروة والشغل ونقل التكنولوجيا، وأن تشكل هذه العلاقات الاستراتيجية إطارا ملائما لتكريس تعاون مثمر جنوب-جنوب، بل ونموذجي. وسجل ناصر بوريطة أن التعاون جنوب-جنوب كان وما يزال يشكل محورا أساسيا للسياسة الخارجية التي تنهجها المملكة تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس، وقال إن المملكة المغربية، "بالنظر لموقعها الاستراتيجي كحلقة وصل بين إفريقيا وأوروبا والعالم العربي، على استعداد لتسخير كل الإمكانات المتاحة للمساهمة في الرقي بالعلاقات والتعاون الصيني العربي إلى آفاق أرحب ومستويات أعلى وأوسع في جميع المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية وغيرها، وذلك خدمة للعلاقات المتميزة التي تربط الدول العربية بجمهورية الصين الشعبية وشعبها الصديق، والتي تنبني على مبادئ التقدير المتبادل واحترام الوحدة الترابية والسيادة الوطنية للدول وعدم التدخل في الشؤون الداخلية". وذكر بوريطة أن العلاقات العربية الصينية مبنية دائما على روابط تاريخية، أساسها المصلحة المشتركة والمنفعة المتبادلة والتضامن الفعلي، وأضحت اليوم تكتسي أهمية أكبر وبعدا أعمق وذلك لاعتبارين، يرتبط أولهما بتطورات الوضع السياسي والاقتصادي لكلا الطرفين العربي والصيني، بالنظر إلى الأوضاع التي أفرزتها جائحة كوفيد-19، والانعكاسات التي خلفتها ومازالت على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، مما يضفي أهمية خاصة على ضرورة تضافر الجهود لمواجهة هذه الجائحة العالمية. أما الاعتبار الثاني، يوضح بوريطة، "فيستند إلى مكانة جمهورية الصين الشعبية ودورها الفاعل على الصعيد العالمي، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي أو التكنولوجي أو غيره"، قبل أن يخلص إلى أن ""التحديات التي نواجهها جميعا تجعل من المنتدى العربي الصيني، في نسخته الحالية، فرصة سانحة لتبادل الآراء والأفكار وتنسيق المواقف ووضع تصور للعمل المستقبلي الصيني العربي".