قبل إعلان وزارة الصحة الحصيلة الوبائية الإجمالية الجديدة على مستوى جهة مراكش أسفي، أمس السبت، كان والي جهة مراكشآسفي، كريم قسي لحلو، في زيارة إلى "عاصمة عبدة" للاطلاع على الأوضاع، بعدما ظهرت مؤشرات قوية على عودة الجهة لتتربع على رأس الجهات التي سجلت إصابات بوباء "كوفيد19". فالجهة سجلت 266 حالة وفق الحصيلة اليومية البارحة، منها 253 حالة ظهرت بوسط مهني بمدينة آسفي، ما أثار تذمرا كبيرا لدى السكان، بعدما ظهرت هذه الحالات بمعمل لتصبير السمك، لتفرض السلطات الحجر الصحي من جديد، وتمنع الخروج منها والدخول إليها إلا للضرورة. وانتهى التحقيق الذي قامت به جريدة هسبريس من خلال الاتصال بمصادرها إلى أن الحالات المسجلة تقريبا لا تحمل أي أعراض، ما ينبئ بشفائها سريعا، ويفرض الالتزام بالقواعد الاحترازية من طرف الساكنة، حتى يتم تجاوز هذه الوضعية الوبائية. وقامت السلطات بإغلاق الطرق المؤدية إلى التجمعات السكنية بأسفي الجنوبية، وشرعت في وضع مستشفى ميداني بمدرسة الزرقطوني، وأسرة بمدرسة الممرضين، وتجهيز حوالي 300 سرير بالمستشفى الإقليمي، ونقل بعض المصابات إلى القاعدة العسكرية بابن جرير. الفاعل الجمعوي عثمان أبو مرية أرجع في تصريح لهسبريس الارتفاع في الإصابات إلى "رفع الحجر الصحي وعودة المعامل إلى العمل دون احترام التدابير الاحترازية، من قبيل 50 في المائة، والتعقيم"، وفق تعبيره. وفي "تدوينة" على حسابه بمنصة للتواصل الاجتماعي حمل الفاعل الإعلامي عبد الرحيم الكريتي المسؤولية إلى ثلاثة أطراف، أولها رب معمل التصبير، لعدم احترامه التدابير الاحترازية، والمستشفى الذي لم يحتفظ بالعاملة بعد خضوعها للتحاليل المخبرية إلى حين ظهور النتيجة. كما حمل الكريتي المسؤولية للعاملة المعنية، "التي لم يكن عليها الذهاب إلى العمل إلا بعد ظهور النتيجة، بعدما أكدت أنها كانت تشتغل وهي تحس بألم، وأنها تلقت التعازي من عدد كبير من العاملات". وحذر صاحب "التدوينة" لجنة اليقظة من الخطر المحدق بميناء آسفي، "الذي يقصده أزيد من 14 ألف زائر يوميا، رغم المجهودات التي تبذلها العناصر الأمنية ببابه"، مشيرا إلى الحالات الاجتماعية لهذه الحالة الوبائية، "فالمصابات سيتركن أطفالا ببيوتهن دون معيل، لصعوبة التكفل بهم خوفا من احتمال الإصابة". لكن هذا الطرح لم يقبله آخرون، "فالعاملة لم تظهر عليها أعراض الوباء، وبالتالي لا يمكن تحميل المسؤولية لأي كان، إذ إن الحالة تعتبر من الإصابات الصامتة"، حسب حسن عابدات، رئيس المرصد المغربي للدفاع عن حقوق الإنسان والحريات. وفي تصريح لهسبريس أضاف هذا الفاعل الحقوقي: "رفع الحجر كان ضروريا، خاصة مع الهوية الغامضة للوباء، لذا وجب التعايش مع "كوفيد19"، من أجل اكتساب المناعة، التي قد لا يسترجعها الاقتصاد وحياة الناس إلا بعد سنوات". فتاح الحو، متتبع للشأن المحلي، أوضح في "تدوينة" أن "المصابة خضعت للحجر الصحي رفقة عائلتها، ولم تغادر المنزل إلا بعد ظهور التحاليل المخبرية، أما ذهابها إلى المعمل فكان قبل التأكد من إصابة قريبتها التي كانت ترقد بالمستشفى"، موردا: "حقيقة كل المخالطين أبرياء ولا ذنب لهم". وتابع المتحدث ذاته: "العدوى انطلقت من المستشفى وكان على المسؤولين أن يتخذوا التدابير والإجراءات الاحترازية في جميع الأماكن التي تعرف اكتظاظا، سواء بمعامل التصبير أو غيرها". وبهذه المناسبة المؤلمة اقترح بلاغ لنواب حزب العدالة والتنمية بإقليم أسفي توفير مزيد من الفضاءات الاستشفائية الميدانية للتكفل محليا بأكبر عدد ممكن من الحالات المسجلة، وذلك من أجل تيسير ظروف استشفاء المرضى والمصابين وتجنيبهم مشقة التنقل إلى مدينة ابن جرير. توفير مختبر متنقل بأسفي للرفع من وتيرة وعدد التحاليل المخبرية، وتكثيف إجراءات المراقبة بأحياء المدينة ومداخلها، التي تحتضن الحالات المصابة أو المخالطين، وخلق آلية للتكفل الاجتماعي بأسر وأبناء المصابين، لأن أغلب المصابات هن المعيلات لأسرهن وأبنائهن؛ مطالب أخرى لهذه الوثيقة. كما طالب نواب "حزب المصباح" بدعم ومواكبة المخالطين من المترشحين لامتحانات البكالوريا، نفسيا واجتماعيا وصحيا، خلال هذه الظروف الاستثنائية، ووضع آلية للتواصل المنتظم مع الرأي العام من أجل إطلاعه على الوضعية الوبائية، وحثه على الانخراط الإيجابي والواعي في المجهود الجماعي لتطويق هذه البؤرة.