تعتبر جمهورية الصين الشعبية أن أزمة "كوفيد-19" كانت تجربة ناجحة لإبراز أوجه التعاون مع المجتمعات العربية، ورسم معالم مستقبل مشترك لتعزيز الفرص ومواجهة التحديات المستقبلية. جريدة هسبريس الإلكترونية توصلت بثلاثة مقالات من مسؤولين صينيين وباحثين حول التعاون الصيني العربي لهزيمة الوباء العالمي والارتقاء بالتعاون الثنائي بين الطرفين إلى مستويات جديد. وقال لي تشنغون، سفير شؤون منتدى التعاون الصيني العربي بوزارة الخارجية الصينية، إن "أهم ما تعلمناه من هذه المعركة التي تخوضها البشرية ضد الوباء هو أن السلامة والصحة والتنمية والتقدم لشعوب العالم لم تكن مترابطة وثيقة كما هو اليوم، وأننا لم نكن كما هو اليوم مدركين إدراكا عميقا أن كافة البلدان تعيش في قرية كونية واحدة، وتعيش البشرية في مجتمع ذي مستقبل مشترك، فنحتاج إلى التعاون الدولي على نطاق أوسع لمواجهة الوباء". وأضاف الدبلوماسي الصيني قائلا: "كل من الصين والدول العربية مساهم إيجابي في الاستجابة الدولية ضد الوباء"، مشيرا إلى أنه "بعد حدوث الوباء، ظلت الصين والدول العربية ملتزمة بمبدأ: الشعب أولا وسلامة الحياة أولا، واتخذت إجراءات قوية في الحلقات المهمة، مثل الوقاية والحجر الصحي والفحص والعلاج والتتبع، وعملت على تقليل تداعيات الوباء السلبية على النمو الاقتصادي والاجتماعي، وحققت نتائج إيجابية، خير دليل على ذلك أن معدل الوفاة في الدول العربية العديدة أدنى من الدول المتقدمة بكثير". السفير الصيني أوضح أنه وفقاً للإحصاءات غير المكتملة، إلى غاية اليوم، قدمت الصين إلى الدول العربية حوالي 8.4 ملايين كمامة بطُرز مختلفة، وأكثر من 1.1 مليون طقم اختبار، وما يقرب من 300 ألف لباس واق، وعقدت الاجتماعات الافتراضية بين الخبراء الطبيين الصينيين ونظرائهم في 17 دولة عربية وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون الخليجي، وأرسلت أفرقة الخبراء الطبيين إلى 8 دول عربية، وتقاسمت الخبرات والبرامج الناضجة بدون أي تحفظ في مجالات التشخيص والعلاج والوقاية والسيطرة. وشدد المسؤول ذاته على أن "الجانبين الصيني والعربي بحاجة أشد من أي وقت مضى إلى تضافر الجهود في إقامة المجتمع الصيني العربي للمستقبل المشترك نحو العصر الجديد، وتعزيز التضامن لمواجهة التحديات المختلفة في الوقت الراهن وفي المستقبل". ويرى وانغ قوانغدا، أستاذ بجامعة الدراسات الدولية بشانغهاي مدير تنفيذي لمركز الدراسات الصيني العربي للإصلاح والتنمية، أن "الصين والدول العربية تربطهما ذكريات مشتركة للتواصل الودي في التاريخ، وكان الجانبان يتبادلان الدعم والمساعدة بروح الفريق الواحد في المهام المشتركة لتحقيق الاستقلال الوطني وبناء الدولة في العصر الحديث، مما أرسى أسسا متينة للتواصل والتنافع بين الحضارتين العظيمتين في العصر الجديد". وأورد الباحث أن الصين أرسلت أفرقة الخبراء الطبيين إلى العراق والسعودية والكويت وجيبوتي والجزائر والسودان وفلسطين وغيرها من الدول تباعا، وقدمت المستلزمات الطبية إلى 20 دولة عربية، بما فيها مصر وتونس وقطر والأردن، وساعدت العراق والسعودية وفلسطين على بناء مختبرات فحص الفيروس. الخبير ذاته أوضح أنه "عندما قامت الولاياتالمتحدة والغرب بتسييس الإجراءات الوقائية الصينية وربط الفيروس بالصين وإساءة سمعتها، نشرت العديد من الدول العربية مقالات عرضت الإنجازات الصينية في مكافحة الوباء، دفاعا عن العدالة والإنصاف". من جهته، قال لي زيشين، باحث مساعد بقسم الدول النامية بالمعهد الصيني للدراسات الدولية، إن كثيرا من دول الشرق الأوسط قامت بملاءمة استراتيجياتها التنموية مع مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وفي مقدمتها "رؤية مصر 2030"، و"رؤية السعودية 2030"، ومشروع مدينة الحرير الكويتي، ومشروع "مدينة محمد السادس الذكية بطنجة المغربية"، و"رؤية الأردن 2025". "التنمية هي المفتاح الرئيسي لحل جميع المشاكل، وهي السبيل الأساسي للتعاون الصيني العربي في خلق مستقبل مزدهر. لكن الوباء تزيد ضغوط دول العالم في مواجهة الانكماش الاقتصادي والصعوبات المالية، وتتدهور الأوضاع بسبب تقلبات هائلة لأسعار الطاقة"، يورد لي زيشين. وأكد المتحدث أن تعزيز التعاون بين الصين كثاني أكبر اقتصاد في العالم والدول العربية كالمنتج الرئيسي للطاقة في العالم، "لأمر يساهم في تحويل أزمة إلى فرصة والإصلاح الاقتصادي وترقية الصناعات للجانبين، ويساعد الاقتصاد العالمي على خروج من المأزق والتوجه نحو الانتعاش". وعلى المستوى السياسي والتدخل في الشؤون الداخلية للدول، يرى الباحث في قسم الدول النامية بالمعهد الصيني للدراسات الدولية أن "الصين ظلت تتمسك بموقف عادل وموضوعي من شؤون الشرق الأوسط، وتتعامل مع كافة دول المنطقة بكل صدق وإخلاص". وزاد أن بكين تحرص على مواصلة دورها في "صيانة السلام والاستقرار في الشرق الأوسط والدفاع عن العدالة والإنصاف ودفع التنمية المشتركة وتعزيز الاستفادة المتبادلة، وذلك يجعل الدول العربية تكن المشاعر الطيبة تجاه الصين، وهو سبب أساسي يدفع دول الشرق الأوسط للوقوف الثابت مع الشعب الصيني في مكافحة الوباء".