عائدا مجددا في وقت الأزمة، لم يكف مغاربة على امتداد الأيام القليلة الماضية عن فتح ملف "التدبير المفوض" في ظل "التجاوزات" التي شهدتها فواتير الكهرباء والماء، بوصولها أرقاما قياسية في مدينة الرباط المخول تدبير القطاع بها لشركة "ريضال". وتقاطرت الشكايات بشكل غير مسبوق من مختلف أحياء العاصمة ومن مدينة سلا بخصوص فواتير الشهر الماضي، مستغربة "استغلال" فترة الجائحة من أجل تحقيق أرباح طائلة، في سياق يتسم بتردي الأوضاع الاقتصادية للعديد من الأسر المغربية. وعلى الدوام، شكل ملف التدبير المفوض محط انتقادات واسعة بمختلف مدن المغرب، كان أقواها تظاهر الطنجاويين بالشوارع ضد شركة "أمانديس" بسبب غلاء فواتير استهلاك الماء والكهرباء، كما طرحت بشأنها أسئلة عدة بالبرلمان، لكن دون تغيير ملموس. ومعروف أن التدبير المفوض أسلوب ابتدعه الساسة الفرنسيون، دخلَ المغرب منذ تسعينيات القرن الماضي، وتشرف على شركاته وزارة الداخلية، التي تتلقى طلبات متكررة من هيئات المجتمع المدني لاعتماد شركات وطنية عوض أجنبية في تدبير قطاعات أساسية. وبالنسبة لبوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحماية المستهلك، فإن المغاربة لم يتقبلوا التدبير المفوض للعديد من القطاعات، خصوصا قطاع الماء والكهرباء الذي تجني من ورائه الشركات أرباح طائلة، وهو جعل علاقتها بالمواطن متوترة على الدوام. وقال الخراطي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "المكتب الوطني للماء والكهرباء (ONEE) ينتج ويبيع ويوصل الماء والكهرباء، لكنه يوجد على حافة الإفلاس، في حين شركات التدبير المفوض تبيع فقط وتحقق مداخيل طائلة"، مستغربا هذه المفارقة. وأضاف الفاعل الحقوقي أن "هذه المؤسسات تستنزف جيوب المواطنين، كما أن تنسيقها مع وزارة الداخلية يصعّب على المجتمع المدني الاحتجاج"، مؤكدا "ضرورة تدخل الحكومة لإعفاء المواطنين العاطلين والمستفيدين من نظام المساعدة الطبية (راميد) والمشتغلين في القطاع غير المهيكل من الأداء". وأشار الخراطي إلى أن ارتفاع فواتير الماء والكهرباء بنسب معقولة يبقى مقبولا في ظل ارتفاع الاستهلاك، "لكن أن تصل الزيادة إلى مستويات عالية فهذا مرفوض"، مطالبا ب"إنفاذ القانون وتدخل وزارة الصناعة والتجارة من أجل مراقبة العدادات".