منذ حوالي عشر سنوات، شهدت المدن المغربية "غزو" الدراجات ثلاثية العجلات، المعروفة في التداول اليومي ب"التريبورتور"، والتي يستغلها أصحابها في نقل البضائع والمواطنين أيضا في الأحياء الشعبية، على الرغم من أنها ليست وسيلة نقل آمنة؛ غير أن هذا الصنف من الدراجات ظلّ منذ ظهوره مصدر خطر، خاصة بعد تكاثر أعدادها بشكل لافت. واقعة مغامرة شرطي بسلامته من أجل إيقاف صاحب "تريبورتور" رفض الامتثال لأوامر أعوان المرور في مدينة سلا، وجرّه للشرطي لمسافة طويلة قبل أن يسقط هذا الأخير على الأرض مصابا بجروح، كما وثق ذلك مقطع فيديو تُدوول على نطاق واسع أمس الأحد، كشف الستار عن الفوضى التي تسم عمَل أصحاب الدراجات ثلاثية العجلات. وتوجه أصابع الاتهام بالوقوف وراء نسبة كبيرة من حوادث السير التي تعرفها المدن المغربية إلى أصحاب هذه الدراجات، نتيجة "تهوّرهم" في القيادة، إضافة إلى عمدهم إلى نقل الأشخاص؛ ما يؤدي إلى ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير، علما أن الدراجات ثلاثية العجلات أحدثت خصيصا من أجل نقل البضائع. وبالرغم من أن عبد القادر اعمارة، وزير التجهيز والنقل واللوجستيك والماء، كان قد أعلن، السنة الماضية، في البرلمان، عن المنع النهائي لركوب الأشخاص على متن الدراجات ثلاثية العجلات، وأن هذا القرار سيطبق بصرامة، بتنسيق مع المصالح المختصة؛ فإن مالكي هذه الدراجات ما زالوا ينقلون الركاب، بل إن عددا منهم تخصَّص في ذلك، وزوّد دراجته بكراسٍ خاصة لهذا الغرض. في حي الانبعاث الشعبي بمدينة سلا، التي تعرف انتشارا واسعا لاستعمال الدراجات ثلاثية العجلات، تسود يوميا فوضى في الشارع الرئيسي الذي يخترق الحي. وخلال بداية فترة الحجر الصحي، كان عدد من أصحاب هذه الدراجات ينقلون المواطنين، دون أدنى مراعاة للتدابير الوقائية التي اتخذتها السلطات، وقامت الشرطة بتوقيف عدد منهم. وبالرغم من أنهم توقفوا عن نقل المواطنين خلال الفترة الحالية، فإن بعضهم لم يتخلّص من السلوكيات الخطيرة على سلامة وأمن مستعملي الطريق. إبراهيم المقدم، عضو جمعية المستقبل لسيارات الأجرة الصغيرة بتمارة، يرى أن المشكل الأساسي الذي تطرحه الدراجات النارية ثلاثية العجلات هو لجوء بعض أصحابها إلى نقل الأشخاص، كما هو الحال في مدينة سلا؛ في حين أن هذه الوسيلة مخصصة في الأصل لنقل البضائع. وأشار المتحدث، في تصريح لهسبريس، إلى أن هذه الدراجات يخلق مشاكل أخرى على مستوى السلامة الطرقية، حيث لا يلتزم عدد من أصحابها باحترام قانون السير، مضيفا أن ضبط هؤلاء المخالفين أضحى مسألة صعبة أمام السلطات، نظرا لتكاثر عددهم. وشرع في استعمال الدارجات ثلاثية العجلات في المغرب منذ أكثر من عشر سنوات، وبدأت فكرة استعمالها مع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، حيث كانت توزّع على بعض العاطلين والسجناء السابقين عن العمل والبائعين المتجولين من أجل استغلالها في نقل البضائع، أو لاستعمالها في أغراض تجارية، كبيع الأسماك؛ لكنها سرعان ما تحوّلت إلى خطر حقيقي يجوب شوارع جل المدن المغربية. وكشفت واقعة عدم امتثال صاحب الدراجة ثلاثية العجلات لأوامر عناصر القوات العمومي بمدينة سلا عن عدم احترام الإجراءات القانونية المفروض توفرها في هذا النوع من وسائل النقل، حيث تبيّن أن الدراجة لم تكن تتوفر على لوحات ترقيم، على الرغم من أنها إجبارية؛ فالمادة 64 من القانون 52.05، المتعلق بمدونة السير على الطرق، تنص على أنه لا تقبل الدراجات أو الدراجات ثلاثية العجلات والدراجات رباعية العجلات للسير على الطريق العمومية إلا إذا كانت مصادقا عليها من قبل الإدارة بعد مراقبة خصائصها التقنية، ومنها الصفائح.