قال منير القادري بودشيش، مدير مؤسسة الملتقى ورئيس مركز المركز الأورو متوسطي، إن منظومة القيم التي يحملها التصوف، الذي هو مقام الإحسان، "تجعله يسهم في عملية النهوض بالواقع، وبناء مجتمع أكثر تماسكا من الناحية الاجتماعية، والمرتكز على القيم الأخلاقية، النابعة من قيمنا الإسلامية الراسخة والمتجذرة في ثقافتنا المغربية". جاء ذلك خلال ليلة ليالي الوصل "ذكر وفكر"، التي نظمتها مشيخة الطريقة القادرية البودشيشية، بشراكة مع مؤسسة الملتقى العالمي للتصوف ومؤسسة الجمال للسماع والمديح، عبر صفحة مؤسسة الملتقى بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك". وأوضح القادري بودشيش أن أزمة كورونا بينت المعدن الحقيقي للمغاربة، "وأن المغرب بلد قيم التآزر والتكافل، وهو ما جسدته على أرض الواقع المبادرات الاستباقية والتضامنية التي قادها جلالة الملك محمد السادس نصره الله، والتي شكلت حافزا قويا للمواطنين المغاربة ليكونوا فاعلين إيجابيين، من خلال سلوك التضامن والتكافل الذي أبانوا عنه، عكس النظرة المادية الصرفة التي تقصي القيم الروحية الإنسانية"، منبها إلى أن عالم ما بعد كورونا مختلف عن عالم ما قبل كورونا، ومبرزا أن المستقبل للقيم الأخلاقية التي ظهرت الحاجة إليها في ظل أزمة كورونا، هذه الأخيرة "التي جددت اعتقادنا وثقتنا بالله وقوة علاقتنا بقيمنا الأخلاقية". وأضاف أن الإنسان هو أساس النجاح، "والذي ينبغي أن يهتم به من خلال نظرة شمولية تراعي مختلف حاجياته النفسية والروحية والجسدية والفكرية"، مبرزا أن التربية الصوفية توجه الإنسان نحو السمو الأخلاقي والتحقق بالأخلاق المحمدية، المبنية على الرحمة ونفع الناس، والانشغال بعيوب النفس وتزكيتها والتغافل عن عيوب الناس، موضحا أن التصوف يحيي الفطرة الإنسانية وينشر قيم المحبة والتآزر ويحقق الأمن الروحي، "الشيء الذي يجعل الإنسان يشعر بالمسؤولية ويصبح فاعلا ومتفاعلا مع مجتمعه، متحليا بالقيم الأخلاقية الكونية، فالتنمية في الإسلام ذات بعد إنساني كوني تعود بمنافعها على كافة البشر وعلى البيئة كذلك". وخلص الدكتور منير القادري بودشيش في مداخلته، إلى أن التصوف "يهدف إلى تغيير الفرد نحو الأفضل، من خلال الأخلاق الحسنة المبنية على الإحسان، ما يؤدي إلى تمنيع الأفراد والمجتمعات وبناء مواطنين صالحين لأنفسهم ولأسرهم ولمجتمعهم وللبشرية جمعاء"، موضحا أن "الإنسان قبل البنيان، والساجد قبل المساجد، بما ينسجم ومفهوم المواطنة العالمية". وزاد: "يكفي أن نذكر ما جاء في خطاب جلالة الملك حفظه الله عن أهمية الأخلاق والوطنية الصادقة، بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لتوليه عرش أسلافه المنعمين، إذ جاء في خطاب جلالته: فالمغرب هو وطننا، وهو بيتنا المشترك. ويجب علينا جميعا أن نحافظ عليه، ونساهم في تنميته وتقدمه. إن الوطنية الحقة تعزز الوحدة والتضامن، وخاصة في المراحل الصعبة. والمغاربة الأحرار لا تؤثر فيهم تقلبات الظروف، رغم قساوتها أحيانا. بل تزيدهم إيمانا على إيمانهم، وتقوي عزمهم على مواجهة الصعاب، ورفع التحديات". يُذكر أن فعاليات الليلة السادسة من ليالي الوصال، اختتمت بوصلات للسماع والمديح، أطربت في إنشادها الفرقة الوطنية الرسمية للطريقة القادرية البودشيشية للسماع والمديح، تخللتها مواويل فردية للمنشدين: طارق عبيد من إسبانيا، محسن الزكاف من المغرب، والمنشد محمد أبو طار من ليبيا.