تداعيات متناسلة عن تسمية أزقة مدينة تمارة، حيث أثارت العنونة المُعتمدة جدلاً متواصلا في الشبكات الاجتماعية خلال الأيام المنصرمة، بسبب رفض العديد من الفاعلين لبعض التسميات التي أقرّها المجلس الجماعي للمدينة في أبريل من سنة 2006. وانتقد نشطاء العالم الافتراضي مجموعة من الأسماء الدينية المشرقية التي أُطلقت على أزقة مدينة تمارة، من قبيل "أحمد النقيب" و"بسام فرج" و"خالد الحمودي" و"حمد الدهلوس" وغيرها، مبرّرين رفض هذه الأسماء إلى كونها "تعود إلى مشايخ الوهابية والإخوانية المتشددة". وبعد الجدل المُتداول على نطاق واسع، خلال اليومين الماضيين، تمّت إزالة لوحات أسماء الأزقة التي تمحور بشأنها النقاش العمومي في مواقع التواصل الاجتماعي، وفق ما أفاد به رئيس المجلس البلدي لمدينة تمارة. موح رجدالي، رئيس المجلس البلدي لمدينة تمارة، المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية، قال إن "التسميات تعود إلى مقرر أبريل 2006، حيث كانت المدينة في حاجة إلى تسمية أحيائها وأزقتها في ظل توسعها العمراني"، مبرزا أن "الساكنة كانت تضغط على المجلس وقتئذ لعنونة أزقة تمارة". وأضاف رجدالي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "المجلس في تلك الفترة كان يتشكل من الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والاستقلال والعدالة والتنمية، وكذلك الحركة الشعبية والتجمع الوطني للأحرار"، وزاد: "جرى تقسيم المدينة إلى 22 حيا، فأعطيت التوجهات الكبرى بتسمية الأحياء بأعلام البلاد والعلماء والنباتات والأشجار وغيرها". وأوضح المتحدث أن "القرار صوُدق عليه بإجماع كل المكونات الحزبية دون أي امتناع"، لافتا إلى أن "الأخطاء واردة من حيث تنزيل الأسماء على مستوى المصالح التقنية، لكن يمكن تدارك الأخطاء عبر القنوات المؤسساتية، لأن الأمور ينبغي أن تكون بناءة، ونحن منفتحين على الجميع"؛ لكنه "تساءل عن دوافع إثارتها بعد مضي 14 سنة عن القرار". وفي مقابل تطمينات رئيس المجلس البلدي للمدينة، لم تهدأ بعد العاصفة التي أثارتها عنونة الأزقة؛ وهو ما أعرب عنه عبد الله بوشطارت، الكاتب المغربي، بالقول: "ما يقوم به هذا الحزب، الذي يكشف مرة أخرى وبالملموس أنه ينتمي إلى الأخطبوط العالمي لتنظيم الإخوان المسلمين؛ لاسيما على المستوى الإيديولوجي والعقائدي، يتنافى مع القانون أو المرسوم رقم 2.17.307 الذي صدر بالجريدة الرسمية يوم 3 يونيو 2017". وأوضح بوشطارت، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن "التسميات التي أطلقها الحزب على الأزقة تتنافى مع المادة الخامسة من المرسوم الذي ينظم نظام العنونة داخل الجماعات الترابية، ذلك أن هذه الأسماء تمليها دوافع غير نزيهة؛ وهي شخصية وإيديولوجية، ثم المادة الثامنة التي تفيد بأن وضع أي اسم يطلق على فضاء عام، يستوجب ورقة تعريفية شاملة حول الشخص أو الحدث التاريخي وتبيان أسباب اختياره". وتابع الناشط الأمازيغي: "ونشير أيضا إلى المادة التاسعة التي تستوجب وضع الأسماء بحروف اللغتين الرسميتين؛ أي العربية والأمازيغية، وهذا يتنافى مع ما وقع في تمارة، ولو أن اللوحات تم تعليقها قبل ترسيم اللغة الرسمية، فيجب تحيينها بعد صدور القانون منذ 2017". وأكد متحدثنا أن "الخطير في هذه القضية هو أن حزب العدالة والتنمية عمد إلى اختيار شخصيات أجنبية على المغرب، معروفة حركيا وسياسيا بانتمائها إلى تيارات السلفية والوهابية ذات الخطاب المتشدد، والأفكار المتزمتة التي لا تتماشى مع الإسلام المغربي وثوابته، وأكثر من ذلك فهم شيوخ يمارسون الدعوة والخطابة". واستطرد بوشطارت مسترسلا: "ومن ثمة، فإن الحزب المغربي وضعهم (الشيوخ) بهذه الصفة كأنهم رموز سياسية وشيوخ أراد الاحتفاء بهم، وتخليد أسمائهم التي ستصبح مبثوثة على بطاقات تعريف المواطنين والمواطنات بوصفها عناوين السكنى، وهذا خطير جدا، حين يكون المواطن مجبرا على أن تقترن بطاقة تعريفه باسم شيخ سلفي متشدد بعيد جدا عن هويته ووطنه وثقافته". وختم الباحث المغربي حديثه قائلا: "ساكنة تمارة الذين يسكنون في تلك الأزقة يحملون في جيوبهم رموز السلفية المتشددة، وهذه فضيحة تقتضي التدخل العاجل من طرف وزارة الداخلية لإسقاط هذه الأسماء، وتغييرها بأسماء وطنية ومحلية وأحداث ومعارك المقاومة الوطنية في مختلف مناطق المغرب، وكذلك بزعماء أفارقة أصدقاء المغرب إن اقتضى الحال".