وجهٌ آخر لنجاح العالِم منصف السلاوي خارج مسقطِ رأسه المغرب قدّمه الأكاديمي كمال المسعودي، إذ قال إنّ هذا الباحث الأمريكي البلجيكي المغربيّ حُرِمَ من تنظيم محاضرات في بلده المغرب في ثمانينيات القرن الماضي، قبل أن يستقرّ بعد مدّة من ذلك في الخارج. وذكر المسعودي، في منشور على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، عنونَه ب"على مسؤوليّتي"، أنّه عندما التحق بجامعة بروكسيل سنة 1986، لإتمام دراسته في البيولوجيا الجزئية، التقى هو وصديقُه محمد الشكري، أستاذ بكلية الطب بفاس حاليا، منصف السلاوي، الذي كان قد أنهى أطروحته في البيولوجيا الجزئية، قبل أن تتوطد علاقتهما معه عندما عرفا أنّه "مناضل في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، ومنشغل بحال الوطن". وأضاف المسعودي أنّ منصف السلاوي كان يوصله هو ومجموعة من الزملاء إلى الحي الجامعي، نظرا لصعوبة التنقّل، خاصة في المساء، وكان ينصحهم ويشجّعهم، عندما كانوا في بداية مسار تحضير الدكتوراه، وكان ذا حماس كبير، ثم استرسل قائلا: "أتذكّر جيدا لما حكى لنا ما حدث له حين عاد إلى المغرب، حاملا دكتوراهُ، وهو متحمس لخدمته؛ فتوجَّهَ إلى كلية الطب بالرباط ليقترح تقديم محاضرة في اختصاصه بشكل تطوعي، فاستحسَنت مسؤولة الشعبة الفكرة في البداية، وحدّدت تاريخ المحاضرة، غير أنه بعد ذلك بيوم سيُخبَر بأنّ المحاضرة أُلغيت بدون تقديم أيّ مبرر". ويزيد المتحدّث ذاته: "كرَّر منصف العرض نفسه لكلية الطب بالبيضاء، وكان الصمت المطبق هو الجواب"، ثم يضيف موضّحا: "أردت أن أروي هذه الحادثة اليوم لأني أتذكر الحسرة والأسف الّلذَين كان عليهما، وأتذكره وهو يكرر: 'لا أريد منهم المال ولا أيّ شيء، أريد فقط أن أفيد بلدي، والبيولوجيا الجزئيّة علم حديث، ومهم للصحة العمومية، ويمكنني أن أقدم الكثير'". ثم أجمل الأكاديمي كمال المسعودي قائلا: "سنوات بعدها، ركن منصف السلاوي للعمل في المهجر، بعدما تبخّرت كل أحلام العودة، كما تبخرت عند العديد من الذين تتبّعوا مسارا مشابها". تجدر الإشارة إلى أنّ دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، عَيَّن منصف السلاوي مستشارا رئيسيا رفيعا لقيادة الجهود الأمريكية في تطوير لقاح لفيروس "كورونا" في البلاد. وأثار هذا الخبر نقاشا واسعا في المملكة، إذ سمّاه البعض "مفخرة المغرب"، فيما شدّد آخرون على أنّ تميّزه كان في دول أخرى يحمل جنسيّتها؛ بينما اقتصر البعض الآخر على الجدال حول ما إذا كان هذا العالِم "عربيا أم أمازيغيا".