"أقدم صيدلي على الانتحار بعدما طلبت منه شابة بيعها كمامة في لون جلبابها". إذا كانت هذه مجرد نكتة من نسج الخيال أطلقها مغاربة على سبيل المزحة بصفحات مواقع التواصل الاجتماعي، مع بداية فرض ارتداء الكمامات لمواجهة فيروس كورونا المستجد، فإن ارتداء قناع واق من الفيروس، متناسق في لونه وتصميمه مع الإطلالة، شكل حلم كل فتاة معجبة بمسايرة صيحات الموضة والأناقة والجمال. المطلب الغريب لتلك الفتاة سرعان ما تبين أنه ليس ضربا من الخيال، إذ ظهرت، في مناطق مختلفة من العالم، مع إعلان منظمة الصحة العالمية ضرورة ارتداء الكمامات لصد الفيروس التاجي، أقنعة مختلفة الألوان والأشكال؛ فلم يعد لون الكمامة يقتصر، فقط، على الأبيض أو الأزرق الفاتح. وفي المغرب، الذي سارت بأخباره الركبان هذه الأيام في صنع الكمامات، أغرت "كمامات الموضة" الكثير من نسائه وفتياته، اللواتي بادرن إلى الظهور بها في الشوارع، أو اكتفين بنشر صور لها وهي تزين وجوههن على منصات التواصل الاجتماعي. ولم تبحث الكثير من المغربيات المولعات بعالم الموضة، وسط مخاوف متزايدة من الوباء، في أماكن بعيدة عن مثل هذه الكمامات التي أضحت تكتظ بها مواقع التسوق عبر الأنترنيت، بل بادرن إلى صُنعها بأنفسهن في البيوت دون الاكتراث بجدوى نجاعتها في التصدي للفيروس، فما يهم هو الإطلالة التي تلفت الأنظار. "أول ما قمنا به بعد تحولنا إلى التدريس عن بعد بسبب هذه الجائحة، البدء في تعليم المتدربات بمعهدنا تصميم وخياطة الكمامات، وركزنا على أن تكون هذه الأقنعة متناسقة مع لون جلابيبهن الذي تم إعداده لاستقبال عيد الفطر"، توضح عزيزة بلخياط، إحدى مصممات الأزياء ومديرة معهد للتكوين في تصميم الأزياء والخياطة بمدينة فاس. وأكدت بلخياط، في حديثها مع هسبريس، أن معهدها يعمل على تعليم متدرباته صنع كمامات تحترم المعايير الوقائية المعمول بها، مشيرة إلى أن ما يتم صنعه من كمامات من طرف أطر المعهد والمتدربات غير موجه إلى التسويق. وأوردت مصممة الأزياء بمدينة فاس، أن معهدها دأب على تنظيم عرض للأزياء كل عام تحت شعار محدد، مشيرة إلى أن العرض المقبل سيخصص للأزياء التقليدية المرفقة بالكمامات التي تتناسق مع كل نوع من اللباس. وتوقعت متحدث الجريدة أن يساهم تزايد الإقبال على ارتداء الكمامات، في ظل تفشي فيروس كورونا، في تجديد صيحات الموضة، مبرزة أن النساء سيقبلن بخجل في البداية على الكمامات المبتكرة، كما يقع مع كل جديد في عالم الموضة، لكن، بحسبها، مع مرور الوقت سيصبح الأمر معتادا، وستشكل الكمامة لديهن جزءا أساسيا من ملابس الخروج. وأضافت المصممة الفاسية قائلة: "إذا تم رفع الحجر، سنرى مع أيام العيد عددا محدودا من النساء يضعن، مثلا، كمامة في لون الجلباب، ولكن بعد فترة قصيرة سيتصاعد الإقبال على مسايرة هذه الموضة؛ لأن الكثير من النساء لن يستطعن مقاومة إغراءات هذه الأقنعة التي ستلبي احتياجاتهن". من جهتها، قالت ليلى المرنيسي، مصممة أزياء وخياطة للملابس التقليدية بمدينة فاس، إنها كمعنية باللباس النسائي واعية بأن المرأة المغربية، والفاسية على الخصوص، تحب "الزاز" وعدم إهمال نفسها؛ "فحتى في ظل جائحة كورونا، هي مهتمة بالأناقة وحب التميز"، مبرزة أن المصممات بمدينة فاس "يتطلعن إلى تصميم تشكيلة من الكمامات النسائية المتميزة، وبالجودة الوقائية المطلوبة، وبألوان زاهية مفعمة بالحياة". وشددت المصممة والخياطة ذاتها، على أن ابتكار "كمامات الموضة" الموافقة للمعايير الصحية الموصى بها من طرف الجهات المختصة، ستضفي لمسة من الفرح على المرأة في هذه الأيام العصيبة، وستمكنها من الظهور بإطلالة مختلفة محسنة للمزاج، مشيرة إلى أنه "رغم تغطية الكمامة لجزء من الوجه، فشكلها ولونها الجذاب يضفيان على صاحبتها نوعا من الحيوية". "أنا فضلت ارتداء هذه الكمامة ذات اللون الأسود، لأنها تتناسق مع لباسي ذي اللون الأصفر الفاتح وغطاء رأسي الملون"، تقول المرنيسي ناصحة كل النساء بعدم إهمال أنفسن في ظل هذه الجائحة، مؤكدة أن فيروس كورونا "ليس نهاية العالم، وسيتم الانتصار عليه".