يستمر التقرير نفسه المشار إليه في الحلقة الماضية، في الحديث عن ترشيح عسو أوباسلام سنة 1939 لمنصب أمغار عام لصاغرو والصراع الدائر حول هذا المنصب. إذ يورد موقعه متحدثا عن بعض معيقات هذا التنصيب قائلا: "إن خلق هذه الوظيفة الجديدة، المتعلقة برئيس إمغارن، لن يتم دون مواجهة بعض الرفض؛ هذه المعارضة التي يمكن أن تكون مهمة، لكن لحسن الحظ ستكون محدودة". ثم بدأ التقرير يتحدث عن المنافسة التي يتلقاها عسو أوباسلام في هذا المنصب الذي تم إحداثه من "بعض وجهاء إغرم أمازدار من فخذة أيت بُوكنيفن، ومن بينهم حمو نايت حدا، رئيس محكمة الاستئناف العرفية في إغرم أمازدار، فهو ينظر بعين غيورة إلى تعيين عسو أوباسلام أمغارا لصاغرو". محكمة الاستئناف العرفية تجدر الإشارة هنا إلى أن منطقة الرتب، كانت أول منطقة عرفت تأسيس محكمة عرفية من قبل السلطات الفرنسية بمقتضى مرسوم وزاري يحمل تاريخ 15 شتنبر 1934، رغم وجود ظهير شهير لتنظيم المحاكم العرفية يعود إلى 16 ماي 1930، وظهير أقدم منه يعود إلى 1914، إلا أن محكمة الاستئناف العرفية بإغرم أمازدار ظهرت بعد محكمة الرتب، كثاني محكمة عرفية استئنافية لأيت عطا، مقر ما عُرف قبل الدخول الفرنسي إلى المنطقة ب"المحكمة العليا لأيت عطا". وقد ترأسها هذا الشخص المذكور في الوثيقة التي تضيف في السياق نفسه، أن "حمو نايت حدا كان يطمح منذ مدة إلى أن يجمع ما بين الوظيفتين، وأن يكون في الوقت ذاته رئيس محكمة الاستئناف العرفية وأمغار صاغرو". ويضيف المتحدث عينه مدافعا عن أوباسلام ضد منافسه حمو نايت حدا في هذا المنصب بالقول: "إلا أنه يبدو جليا أن مبدأ الاستقلالية المرتبط بمهنة القاضي يجب أن يراعى بشدة، وإلا سوف يُلغى هذا المبدأ إذا ما تمت توأمته بالسلطة السياسية التي يتمتع بها أمغار". وقد ذكر التقرير نفسه، كذلك، بعض المبررات التي يستحضرها الذين يعارضون تولي عسو أوباسلام رئاسة صاغرو، إذ كتب: "أما الذين يعارضون هذا التعيين، فبعضهم يستحضر ميزان الخدمات المقدمة، وآخرون يطيعون المناورات السرية التي يقوم بها محداش، والتي تهدف إلى قطع الطريق أمام إلمشان عموما، وبالخصوص عسو لشغل هذا المنصب". ضريبة الترتيب سبب رغبة محداش ولد الحاج فاسكا في ألا ينال عسو أوباسلام هذا المنصب، مرتبط بما يمكن أن يجنيه رئيس المنطقة من أموال ضريبية، كما يوضح محرر الوثيقة في هذا السياق أن "كبير أيت محداش كان دائما يطمح إلى أن تسند له قيادة بلاد أيت عطا، لما في ذلك من مدخول ضريبي لأنهم مُلاك كبار لقطعان الماشية، وهذا يوضح تأثير العائلة بإميضر على بقية عناصر أيت بوكنيفن وأيت حسو في صاغرو". ومع ذلك فإن العسكري الفرنسي الذي يرأس مكتب الشؤون الأهلية بتنغير، قلل وقتئذ من أهمية هذه المعارضة إذ أكد: "هذه المعارضة لن تستمر، وسوف تختفي بسرعة عندما سيشغل عسو أوباسلام المنصب، وهو الذي لا يعوزه الحس السياسي". ثم زاد: "ومنه فلا خوف من حدوث أي فوضى أو أي سخط عارم يسبب أي مشكلة سياسية في هذا الموضوع، لأن تعيين عسو أوباسلام لهذا المنصب جاء بعد توسيع صلاحيات الحادج موحداش وشقيقه حمو". وهو يقصد بذلك تنصيب محداش خليفة على منطقة دادس في فبراير من نفس تلك السنة، وانتقاله إلى القصبة التي كانت ملكيتها تعود إلى"ڭلاوي بتوغا". فيطمئن القبطان ديل، موقع هذه الوثيقة، رئيسه بالقول: "مع ذلك، فإن الفائدة من هذا التنصيب تتجاوز كثيرا هذه السلبيات الصغيرة التي تمت الإشارة إليها، فلا بد من تعيين رئيس لصاغرو، وعسو أوباسلام أحد المستحقين". ملفتا الانتباه إلى أن هذا التنصيب "سوف يساعد على وحدة القيادة، بدل أن توزع سلطة المراقبة مجهودها على تقسيمات قبلية صغيرة، والتي توجد ضمنها تقسيمات لا يمكن الوصول إليها وغير قابلة للمراقبة، سيكون لدينا رئيس أهلي، مسؤول وبسلطة غير متنازع عليها". ثم يضيف: "من جهة أخرى، فإن هذا الأمر سيضع حدا للقيادة المباشرة، هذا النوع من القيادة في نظري طرح خاطئ. ففي صاغرو وخارجه يجب الاعتماد على الوجهاء المسؤولين من الأهالي". بعد ذلك سرد التقسيمات القبلية التي سوف يترأسها عسو أوباسلام إذا تمت الموافقة عليه بالقول: "وهذه هي الفخذات والقبائل التي يمكن أن يتم إدخالها تحت قيادة عسو وباسلام: - إلمشان أيت معرير وأيت بونو بصاغرو؛ - أيت ولال بإكنيون؛ - أيت حسو، وأيت بوكنيفن، وأيت عيسى وإبراهيم، وإڭناون، وأيت إسفول، وإغرم أمازدار، وتين إوركان، ووادي الرڭ وتازلافت؛ - قصر أيت الفرسي وأكديم نيخرطان وأيت خوخدن، وأيت إعزا ن تميط، والرڭ، وإلمشان تاغيا حيث يقيم الشيخ عسو حاليا"؛ لم تكتف السلطات الفرنسية في مراكش والرباط بتقرير رئيس مكتب تنغير، بل كلفت، كذلك، رئيس مكتب بومالن بإعداد وجهة نظره في تنصيب عسو أوباسلام، وقد كرر الكثير من المعطيات التي أدلى به مكتب تنغير مع هذه الإضافات مثل: "جميع شيوخ صاغرو يوافقون على تنصيب أوباسلام رئيس الشيوخ باستثناء شيخ تين إوركان: موحى وعدي باغنجا المقرب من محداش، وهذا الشيخ ليس لديه أي تأثير ولن يتبعه ال36 كانونا بقريته إذا ما فكر في خلق نواة معارضة". وخلص إلى أن "تنصيب عسو أوباسلام سوف يعطينا رئيسا من الدرجة الأولى، باستقامته وصدقه وصراحته، سوف يسهل أعمالنا في صاغرو، وسوف نعتمد عليه في كل الظروف". رفع رئيس مكتب تنغير تقريره في أبريل 1939، وتقرير مكتب بومالن في ماي من السنة نفسها، وقد أجابهما رئيس منطقة ورزازات أن جميع القرارات رفعت إلى الإقامة العامة للبت في تنصيبه، وهو ما تم في أكتوبر 1939، بتعيين الشيخ عسو أوباسلام رئيسا عاما لصاغرو.