كثيرة هي الوثائق التي أرّخت لأحداث ومعلومات تتعلق بعسو أوبسلام في الأرشيف الفرنسي، تقارير سنوية تتضمن معلومات عنه، كما اعتادت السلطات الفرنسية أن تفعل لكل الشيوخ والقياد الذين يشتغلون تحت إمرتها، حيث تحرر عنهم معلومات عن ممتلكاتهم، عدد قطعانهم، ومساحات الأراضي التي يملكونها، عدد النخيل وأشجار اللوز، كم يأخذون من نصيب في "الترتيب" كأجرة لهم، وغير ذلك لمعرفة مدخولهم السنوي الذي يتم تقديره في هذه الوثائق، ثم سلوكهم أيضا أثناء التسيير وإمكانية استمرارهم أو ضرورة استبدالهم بآخرين. في هذا المقال، سوف نُدرج التقارير اليومية التي ورد فيها اسم هذا المقاوم المغربي خلال الفترة الممتدة بين فبراير 1933 مارس من تلك السنة، وهي الفترة التي اندلعت فيها معركة بوكافر بجبال صاغرو. فبراير 1933 عندما بدأت معركة بوكافر، كان عمر عسو أُوباسلام وقتها 41 سنة، إذا اعتمدنا ما أوردته التقارير الفرنسية عن أن مولده كان حوالي 1892، كما تمت الإشارة إلى ذلك في حلقة سابقة. ورد ذكر عسو أُوباسلام في التقارير اليومية، التي كانت تعدها الاستعلامات الفرنسية عن المقاومين، مرات كثيرة، فإلى جانب ما تم ذكره عن التقارير التي سبقت تبادل إطلاق النار في بوكافر في آخر الحلقة السابقة على أن هناك خلافا بين اللف الذي ينتمي إليه محداش ولد الحاج فاسكا كمتعاون مع السلطات الفرنسية ولف عسو وباسلام كرافض للوجود الفرنسي في صاغرو، ورد اسم عسو أوباسلام في مواضع كثيرة في وثائق الاستعلامات الفرنسية المتعلقة بمعركة بوكافر. يقول تقرير يعود إلى 6 فبراير متحدثا عن إلمشان، وهي قبيلة تنتمي إلى أيت عطا: "شيخهم هو عسو نايت باسلام، وهو من تاغيا نْ إِلْمشَان. أما قُطعانهم فتتكون من 5 جمال، و3 بِغال، 6 أو 7 حمير، وقرابة 300 رأس من الأغنام والماعز. يعيشون في فقر، وفيهم 30 خيمة مُوالية للمخزن وما تبقّى من الخيام فإن أهلها مع المُقاومة". غالبية التقارير التي تصف المقاومين ببوكافر تتحدث عن التجمعات السكانية، وتحصي عدد رؤوس قطعانهم ودوابهم، كما تحصي كذلك درجة تسلحهم، ونوعية البنادق التي يتوفرون عليها؛ وذلك اعتمادا على مخبرين من أبناء جلدتهم، دستهم فرنسا بواسطة شيوخها في كل التجمعات سواء المستقرين أو الرحل. وقد كانت هناك تجمعات قبلية نصبت خياما وبعضها اختار تجاويف صخرية بحسب كل فخدة أو لف. كما أن مصدر المعلومات الاستخباراتية التي يدونها ضباط الاستعلامات في هذه التقارير اليومية التي يرفعونها إلى رؤسائهم، يكون مصدرها أيضا المستسلمين أو الخاضعين الجدد؛ فعندما ينزل شخص من الجبل وهو "يطلب الأمان" بتعبير ذلك الوقت، يتم تسجيل تصريحاته بعد استجوابه عن المتبقين في الجبل، من هم، درجة التسلح، معنوياتهم، إمكانية خضوعهم وغير ذلك. مع حرص هذه الوثائق على ذكر اسم المخبر وقبيلته، أو اسم المستسلم إذا تعلق الأمر بخاضع جديد. وما دام حديثنا فقط عن أوباسلام فقد ورد في تقرير يحمل توقيع 7 فبراير من نفس السنة: "بخصوص إلمشان فإن الأخوين أُوبَاسْلام بَاسّو وَ عسّو يقودان حركة المتمرّدين. لكن عسّو هو القائد الحقيقي والوحيد، وإلمشان يُنفّذون أوامرَه". وعن درجة التسلح ومصدر الأسلحة، يكتب عسكري فرنسي في تقرير 27 فبراير 1933: "عسو أُوبَاسْلام سيتوصل بأكياس عديدة من هذه الخراطيش، ستصله عن طريق إكناون تودغى الخاضعين القاطنين بالقصور والرّحل. خراطيش نادرة للبنادق من نوع 74". عائلة أوباسلام لم يكن عسو وباسلام قائدا بعيدا عن المعركة، أو عسكريا يعطي أوامره عبر الهاتف من قمرة قيادة. لقد كان هذا المقاوم المغربي وقت المعركة يسكن تجويفا صخريا رفقة عائلته، وقد ضحى بأبنائه وممتلكاته في معركة بوكافر، إذ يقول تقرير يحمل تاريخ 3 مارس 1933: "تعرض عسو أوباسلام لجروح، بينما قُتل ابنه". لم يتم ذكر اسم هذا الابن المقتول أو أي معلومات أخرى عنه في هذا التقرير، لكن في موضع آخر نجد لائحة من القتلى من المقاومين والفرنسيين في بوكافر؛ ومن بينهم نقرأ: "لحسن أو صاحو نايت بن هكو ابن أخت الشيخ عسو وباسلام"، ضمن قتلى ينتمون إلى قرية تابسباست نواحي تنغير. وقد ذكر تقرير 12 مارس إصابة زوجة عسو أوباسلام، دون ذكر اسمها الشخصي، حيث كتب موقع هذه الوثيقة "أصيبت زوجة عسو أُوباسلام بشظايا قذيفة، وإصابتها بليغة". وفي تقرير 13 مارس، نجد "من بين القتلى ابن أخي عسو أُوباسلام". يتبع..