Will the kingdom's cities and villages have modern public sanitized toilets after this pandemic?! من الأشياء التي تجذب السياح والزوار للبلدان بصفة عامة والمدن والقرى بصفة خاصة هي جودة الخدمات المتوفرة فيها بالإضافة إلى المآثر التاريخية والأماكن السياحية الأخرى والسلم والأمان الذي تنعم به بالطبع. ومما لاشك فيه أن وجود الفنادق والمطاعم النظيفة ودور العبادة والملاهي وأماكن الترفيه يكون لها الأثر البالغ في نفوس السياح أو الزوار. لكن هنالك أشياء أساسية أخرى لها تأثير بالغ أيضاً كالطرق ووسائل النقل والمواصلات، بالإضافة إلى دورات المياه أو المراحيض العمومية كإحدى المرافق الضرورية والتي تعطي للمدينة قيمة مضافة من ناحية الخدمات المقدمة وتحافظ على سمعتها ومكانتها. وبما أننا بصدد الحديث هذه الأيام عن هذه الجائحة (كورونا أو كوفيد 19)، فمن الضروري التفكير في كل ما قد يحد من انتشار هذا الوباء ويوفر شروط النظافة والسلامة. ومما لاشك فيه أيضاً أن ظاهرة "التبول" على الجدران وفي الزوايا المظلمة بين الأزقة لا يسيء لجمالية المدينة ونظافتها فحسب، بل أصبح وبدون شك يهدد سلامة المواطنين، ناهيك عن اعطاء سمعة سيئة عن البلد بصفة عامة. وفي هذا الصدد فقد أشار إلى أهمية هذا الموضوع العديد من الباحثين والكتاب أمثال الدكتور محمد الحلوي من مراكش ومصطفى شاكري والعربي الجديد ومحمد فؤاد قنديل وابراهيم مغراوي وسيديهارثا كومار من نيودلهي، ويوسف لخضر في مقاله تحت عنوان: " "دورات المياه" تزكم أنف الرباط .. ودول تعرض "ثورة المراحيض"" ، وعبد الإله شبل في مقاله: "غياب المراحيض العمومية يخدش صورة القطب المالي بالمملكة"، و إبراهيم مغراوي من مراكش في مقاله: "غياب المراحيض العمومية يزعج زوار عاصمة السياحة المغربية"، وكذلك نور الدين إكجان في مقاله: "انعدام المراحيض العمومية ينفّر السياح من زيارة عاصمة المملكة"، والعديد من المقالات والأبحاث الأخرى بالإضافة إلى ما أشرت إليه شخصياً في العديد من مقالاتي الخاصة بالفضاء المدرسي وما لذلك من أهمية في الحفاظ على سلامة وصحة التلاميذ والطلاب والفرد بصفة عامة. ومما لاشك فيه أن غياب مرافق كهذه هو أمر مقلق فعلاً وخاصة لكبار السن أو النساء أو المرضى الذين يحتاجون دورات المياه بين الفينة والأخرى. فمن العار أن يظلوا يبحثون عن دورات المياه الخاصة بالمقاهي أو المساجد. وعلى سبيل المثال يقول يوسف لخضر في مقاله تحت عنوان "غياب مراحيض عمومية يؤرق الزوار ويُحرج مجلس المدينة في العاصمة" بأنه "ما تزال عاصمة المملكة لا تتوفر على مراحيض عمومية تليق بها باعتبارها إحدى أكبر وأكثر المدن كثافة من حيث عدد سكانها وزوارها، كما أن المراحيض تعتبر من المرافق العمومية الضرورية التي تُقاس بها جاذبية كل مدينة. وباستثناء مرحاض عمومي قديم يوجد في باب الأحد وسط العاصمة الرباط، لم تُقدم السلطات المحلية على توفير مراحيض عمومية جديدة في مستوى المشاريع المُهيكلة التي تعرفها المدينة في السنوات الأخيرة بتكلفة مالية ضخمة. وسبق لعدد من الجمعيات أن وجهت مراسلات إلى مجلس المدينة تُنبه من خلالها إلى الآثار الوخيمة لغياب هذه المرافق، لكن إلى حد الساعة لم ينفذ شيء على أرض الواقع على الرغم من قرب انتهاء البرنامج المهيكل الضخم "الرباط مدينة الأنوار"!!!. فإذا كان هذا هو حال العاصمة، فماذا عسانا أن نقول بخصوص الدارالبيضاء، العاصمة الاقتصادية ومراكش بساحتها التي تعج بالسياح دوماً، وأغادير وفاس وطنجة والعيون والداخلة، بل ماذا عسانا أن نقول عن كل باقي المدن الكبيرة والصغرى وباقي القرى؟!. ماهي نسبة المراحيض العمومية حتى في أرقى شوارع تلك المدن؟ أليس من العيب والعار أن يتجول المرء مع عائلته فلا يجد مرحاضاً عمومياً لقضاء حاجته أو حاجة أبنائه في مكان مستور نظيف وسليم!. وعلى سبيل المثال أيضاً، وكما أشار إلى ذلك نفس الكاتب يوسف لخضر في مقاله السالف الذكر: "كان مجلس مدينة الرباط قد ناقش هذا الأمر قبل سنوات، ووافق في دورة أكتوبر من سنة 2017 على دفتر تحملات خاص بالمراحيض العمومية، لكن سنتين بعد ذلك لا تنفيذ على أرض الواقع. وأثار عُمر الحياني، مستشار عن فدرالية اليسار الديمقراطي بمجلس المدينة، هذا الأمر في سؤال كتابي وجهه إلى رئيس مجلس مدينة الرباط، محمد صديقي، عن حزب العدالة والتنمية. وقال الحياني في مراسلته: "بعد سنتين على موافقة المجلس على دفتر التحملات الخاصة بالمراحيض العمومية، لا يوجد أي أثر لها في ظل معاناة السكان والزوار، خصوصاً الأطفال والمسنين والمرضى، من غياب هذا المرفق العمومي" (نفس المرجع السابق). ضعف العدد والخدمات في دورات المياه العمومية: تشير معظم الدراسات والأبحاث التي تعرضت لهذا الموضوع أن عدد دورات المياه الموجودة في كل مدن المملكة بدون استثناء يبقى ضئيلاً مقارنة مع مرافق الخدمات الأخرى ومقارنة بعدد السكان والسياح والزوار. أما فيما يتعلق بالخدمة المقدمة، فإنها ضعيفة جدا إذ تفتقر إلى أدنى وأبسط شروط النظافة والسلامة، وغالباً ما تكون ملاذاً للمتشردين واللصوص. أما الوساخة والأنابيب المهترئة والبلاط والحنفيات المهشمة والأبواب والأقفال أو المزالج المكسرة والتي يعتريها الصدأ، وما يُكتب أو ينحت على الجدران من عبارات نابية وكلام فاحش، فحدث ولا حرج. كما أن بعض الدراسات (خاصة تلك التي أشار إليها الكاتب يوسف لخضر في مقاله والتي أجراها طلبة من المدرسة الوطنية للتجارة والتسيير بالقنيطرة سنة 2017) فقد "سبق أن أظهرت أن النساء بالمغرب في حاجة إلى مراحيض عمومية وآمنة، نظراً لكونهن يستعملنها أكثر من الرجال، الأمر الذي يجعلهن يعانين من ضُعف عددها، وإن وجدت على قلتها فهي لا تحترم معايير النظافة المطلوبة".(المرجع السابق) أين هي الرؤيا والإرادة؟: يتساءل البعض عن أسباب غياب مثل هذه المشاريع الرامية إلى تحسين وتخليق الحياة العامة في المدن القرى ومتى سيتم اعتمادها وتنزيلها على أرض الواقع. فهل غياب وضُعف عدد المراحيض العمومية في المغرب راجع أساساً إلى الثقافة التي ربما لازالت تعتبر هذا الموضوع من الطابوهات المسكوت عنها، وبالتالي تبقى ملفاتها حبيسة الرفوف؟، أم هي عدم المبالاة وإعطاء الأولوية لقطاعات أخرى!. وهنا يجب أن نتسائل جميعاً عن دور المنتخبين والهيئات السياسية المسؤولة عن هندسة وتخطيط المدينة والمجالس الحضرية والبلدية ولماذا هذا التأخر والتعثر في ظل وجود طموح كبير لجعل مدن كبرى كالدارالبيضاء مثلاً قطباً مالياً واقتصادياً عالمياً !!!. فلا شك إذاً بأن ضعف عدد دوراة المياه العمومية في مدن كالدارالبيضاءوالرباطومراكش على سبيل المثال راجع إلى غياب سياسة عمومية واضحة المعالم وكذلك عدم اهتمام المنتخبين محلياً بهذا الموضوع، وكثرة تداول الأحزاب السياسية لقضايا تطوير المدن، وكلما ذهب فريق انسحبت معه تلك المشاريع أو المخططات أو الأفكار. وقد نستغرب إذا ما نظرنا إلى أرقام لجمعية النساء للبيئة في الرباط، على سبيل المثال لا الحصر، إذ تشير هذه الأخيرة إلى أن "1 من كل ثلاثة أشخاص بالمغرب لا يتوفرون على مراحيض لائقة، و34 في المائة من سكان القرى يفتقرون إلى المرافق الصحية، فيما تعرف 6000 مدرسة عبر ربوع المملكة غياباً للتجهيزات الصحية، الأمر الذي يعتبر عاملاً من عوامل الهدر المدرسي، خصوصاً لدى الفتيات". (المرجع السابق بتصرف). خلاصة: لا يسعنا الوقت لذكر جل ما توصلت إليه الدراسات والأبحاث في هذا الجانب، إلا أننا يمكننا أن نجزم بأن جلها يقر بالنقص الحاد والملفت للنظر في عدد دورات المياه أو المراحيض العمومية في كل المدن والقرى، مما يأثر سلباً عل سمعة تلك المدن والقرى على حد سواء. وللإشارة فإنه توجد مجموعة من المراحيض العمومية تحت أرضية في الدارالبيضاء على سبيل المثال في كل من "درب عمر" و"الجيش الملكي" و"مركز المدينة"، وهي قديمة جدا ويبدو عليها مرور الزمن والإهمال كونها شُيدت في عهد الحماية الفرنسية، لكن بعضها مغلق الآن، في حين أن البعض الآخر تآكلت جدرانه وتكسرت أبوابه، وأقل ما يقال عنه أنه يوجد في وضعية كارثية عظمى، في حين يتساءل البعض كيف استطاع الاستعمار الفرنسي أن يشيد مثل تلك المرافق تحت الأرض وبهندسة عجيبة!، أليس حرياً بنا نحن الآن ونحن ننعم بالحرية والاستقلال ولدينا الإمكانيات الكافية أن نشيد أفضل من ذلك؟ ثم متى طلعت فرنسا من المغرب؟ أليس ذلك بوقت كاف للتفكير في هكذا مشاريع؟!!!. هذا وقد يقول قائل أنه كان بالإمكان إصلاح تلك المراحيض وترميمها بشكل لائق وسليم عوض إنجاز صفقات خيالية كلّفت الكثير من ميزانية مجلس المدينة، ولم تنعم المدينة بتلك المراحيض المبرمجة إلى يوما هذا. وليس بخفي على أحد أنه أمام هذا النقص الكبير في المراحيض العمومية في المدن والقرى المغربية في جميع ربوع المملكة، انتشرت (كما يلاحظ الجميع) ظاهرة أقل ما يقال عنها أنها "غير حضارية" في كثير من أنحاء هذه المدن، تتمثل في "التبول" علانية و"قضاء الحاجات" في أماكن عمومية وفضاءات تعج بالمارة، مثل أسوار المدن والجدران القديمة والحدائق وبجانب العمارات، وأيضاً قرب المباني والمآثر التاريخية، وخاصة من طرف المتشردين والمتسولين والمتسكعين، مما يفضى إلى انتشار الحشرات المضرة والروائح الكريهة وتلويث الجو والأزقة وأيضاً تلك المآثر الحضارية التي من المفترض أن يقصدها السياح. ونظرا لتلك المآسي، فإننا نلاحظ العديد من جمعيات المجتمع المدني خاصة تلك التي تهتم بالبيئة تطالب بمراحيض عمومية محترمة تخدم المواطنين والسياح والزوار في آن واحد، لما لها من أهمية في حياة الناس على اختلاف أعمارهم، كما تطالب بتوفير مراحيض عصرية نظيفة ولائقة تحترم جميع شروط النظافة والسلامة، وتراعي قضية الولوج لذوي الاحتياجات الخاصة وأولئك الذين يعانون من إعاقات جسدية، وإن دعت الضرورة لفرض واجب ماي يحدد في درهم واحد (ودفع أكثر لمن أراد أن يتطوع) بغية صيانتها وتنظيفها وتعقيمها بشكل يومي فلا بأس. وبما أننا على عتبة الخروج من محنة هذه الجائحة إن شاء الله بسلام، فلابد من مراعاة الجوانب الوقائية والصحية للمواطنين والسياح أيضاً لأن ذلك (وحسب الخبراء في مجال الصحة) يساهم في تجنب العديد من الأمراض كالإسهال الفيروسي والبكتيري، والكوليرا، والكساح، والأمراض الطفيلية، وداء السل والتهابات المسالك البولية، إلى غير ذلك من الأمراض المعدية التي قد يتسبب في نقلها إلى الغير أولئك الذين تسمح لهم أنفسهم ب"التبول" أو"قضاء حاجتهم" في الفضاءات والأماكن العامة دون اكتراث. وبما أن صندوق مكافحة جائحة كورونا يهتم بالجانب الصحي بالدرجة الأولى، فعلى المسؤولين أن يولوا الاهتمام بهذا الموضوع خاصة لأن له علاقة بصحة وسلامة المواطنين والسياح والزوار وكذلك سمعة البلد. "أكعاون ربي" والله ولي التوفيق،،، *خبير دولي في مجال التربية والتعليم، مستشار [email protected]