تستعد سفارة مملكة النرويج في الرباط للاحتفال بالذكرى الخمسين للبعثة الاستكشافية المسماة "رع 2" التي قادها المستكشف النرويجي تور هايردال، وذلك يوم 17 ماي الجاري، من خلال تنظيم معرض افتراضي على صفحة بموقع "فيسبوك" بسبب تدابير الحَجر الصحي. وذكرت سفارة النرويج في الرباط، في بلاغ لها توصلت به هسبريس، أن هذا التخليد الافتراضي سيشمل تقاسم صور وكبسولات فيديو ووثائق مع الجمهور تستعرض أبرز لحظات هذه الرحلة القوية، بعدما كانت تنوي تخليد الحدث بمعرض صور متنقل عبر البلاد. وبحسب مُعطيات السفارة، فإن الأمر يتعلق بقارب سُمي "رع 2"، نسبةً إلى رَع، إله الشمس لدى المصريين القدماء، وهو قارب من القصب بُني وفقاً لتقاليد مصر القديمة، وكان قد غادر مدينة آسفي في ماي 1970 ووصل إلى بربادوس بعد 57 يوماً من الإبحار وقطعه 6000 كيلومتر. وسيشارك في هذا التخليد الرقمي مدني آيت أوهاني، مغربي عضو في الطاقم الدولي ل"رع 2"، إضافة إلى نجل تور هايردال وشخصيات مغربية وعالمية ستبث رسائل على شكل كبسولات فيديو حول هذه الرحلة التاريخية. وبحسب البلاغ الصحافي الخاص بهذا الحدث، فإن هذه الرحلة الناجحة بين آسفي وبربادوس تؤرخ لعلاقات تاريخية بين النرويج والمغرب، حيث كان هايردال يهدف إلى إظهار أن حضارات ما قبل التاريخ، على ضفتي المحيط الأطلسي، كان بإمكانها التواصل فيما بينها بفضل زوارق القصب. وكان الملك الراحل الحسن الثاني قد بعث إلى المستكشف النرويجي هايردال رسالةً قال فيها إن "الرحلة التي قُمت بها، عبر المحيط الأطلسي، تربط القارتين الإفريقية والأمريكية، وتنسج بالتالي رابطة إضافية بينهما وربما تجدد عمل السلف الشجاع، وتشكل بالنسبة لنا، وبدلالة أكثر، سبباً للفخر ومدعاة للإعجاب". وأضاف الملك في رسالته قائلاً: "كمغربي، يُسعدنا أن نتمكن من حضور استعداداتك، وأن نشجع مبادرتك، لتمكنك من تحقيق طموحك انطلاقاً من شواطئنا والتعبير عن ثقتنا في مشروعك وسعادتنا بنجاحك، من خلال إشراك أحد مواطنينا في مبادرتك"، في إشارة إلى مدني آيت أوهاني. وخلال هذه الرحلة الاستكشافية الدولية التي تمت قبل نصف قرن ورفعت علم الأممالمتحدة، كان تور هايردال يعتزم إظهار كيف يمكن لمجموعة متنوعة أن تتعاون بشكل فعال في ظل ظروف صعبة، كما أن الرحلة كانت مناسبةً للتطرق لمشكل تلوث مياه المحيط الأطلسي. وكان الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك، يو ثانت، قد طلب من هايردال تدوين ملاحظات يومية حول تلوث المحيطات، وهو ما قام به المستكشف من خلال تقديمه لتقارير حول الموضوع في مناسبات عدة، لا سيما في مؤتمر الأممالمتحدة الثالث حول قانون البحار، وبفضله قرر المجتمع الدولي في عام 1972 منع إلقاء الزيوت المستعملة في عرض البحر. ويُعتبر هايردال (1914-2002) أحد أشهر المستكشفين في التاريخ، كما كان يهتم أيضاً بالأركيولوجيا والأنثروبولوجيا، وقد قام سنة 1947 بعبور المحيط الهادي على متن طوف من خشب البلسا، وسُميت تلك الرحلة باسم "بعثة كون تيكي". وكانت "بعثة كون تيكي" أول رحلة مُصورة لهايردال، وحصل بفضلها على جائزة الأوسكار لأفضل فيلم وثائقي سنة 1951. وفي مدينة أوسلو، يوجد متحف يحمل اسم هذه البعثة يضم القوارب التي تم استعمالها في رحلات هايردال.