احتفل العالم نهاية الشهر الماضي بأسبوع التلقيح العالمي، وهو حدث سنوي أقرته منظمة الصحة العالمية منذ عقد ونصف، ويأتي هذه السنة في وقت تعاني فيه الأسر في جميع أنحاء العالم بسبب تفشي "كوفيد-19". وتؤكد منظمة الصحة العالمية، أن اللقاحات تعمل كدرع يقي الأطفال والمواليد من أمراض خطيرة، وتُنقذ أرواح حوالي 3 ملايين طفل سنويا، لكن الإقبال على التلقيح تراجع بسبب مخاوف الإصابة بفيروس كورونا المستجد، وهو ما دفع عددًا من المهنيين إلى دق ناقوس الخطر. حول هذا الموضوع وأهمية التلقيح، نحاور سعيد عفيف، طبيب أطفال في القطاع الخاص ينتمي إلى شبكة خبراء التلقيح Infovac-Maroc، والجمعية البيضاوية لأطباء الأطفال بالقطاع الخاص، والجمعية المغربية للعلوم الطبية. ما هو أسبوع التلقيح العالمي وأهدافه؟ يُعد الأسبوع العالمي للتلقيح حدثًا صحيًا عالميًا، قررته منظمة الصحة العالمية سنة 2005، ويتم تخليده شهر أبريل من كل سنة، ويُنظم في حوالي 200 دولة. يشكل هذا الأسبوع العالمي لحظة تواصل بالغة الأهمية موجهة إلى عموم المواطنات والمواطنين ومهنيي الصحة، من أجل فهم واستيعاب تحديات التلقيح بشكل أفضل، وضمان تغطية جيّدة، والرفع من الوعي بأهميته. تهدف سنة 2020 إلى التأكيد وتسليط الضوء على فوائد التلقيح ضد الحصبة والحصبة الألمانية، وفيروس الورم الحليمي البشري، والتهاب الكبد الفيروسي من نوع باء، إضافة إلى شلل الأطفال. ما هو أثر البرنامج الوطني للتمنيع المطبق في المغرب؟ لقد تمكن المغرب بفضل البرنامج الوطني للتمنيع من تحقيق العديد من المكتسبات، في مجال الوقاية من الأمراض المسؤولة سابقا عن المراضة والوفيات لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، وهو ما سمح بتقليص نسبة وفيات المواليد الجدد، والقضاء على شلل الأطفال، إذ لم تسجل أية حالة إصابة بهذا المرض منذ سنة 1987. كما تمكن المغرب من استئصال الكزاز المولدي، فضلًا عن تقليص عدد حالات التهاب السحايا الناتجة عن جرثومة "الهيموفيلوس". إن الجائحة الوبائية ل"كوفيد-19" أكدت وأبرزت أهمية اللقاحات، إذ انكبت كافة مختبرات البحث على إجراء الأبحاث من أجل الوصول إلى لقاح ضد الفيروس، باعتباره الوسيلة الوحيدة الجذرية للقضاء عليه. ما هو جدول التلقيحات التي يتوجب احترامها؟ إننا نتوفر في المغرب على جدول وطني للتلقيح يُضاهي البرنامج المعتمد في دول متقدمة، كفرنسا وألمانيا نموذجا، وهو يتوزع على الشكل التالي: عند الولادة: التلقيح ضد مرض السل المعروف ب BCG، إلى جانب اللقاح ضد التهاب الكبد الفيروسي من نوع "ب". الشهر الثاني: التلقيح ضد الدفتيريا الخناقية، والكزاز والسعال الديكي "العواية"، إلى جانب التلقيح الأول ضد الهيموفيلوس أنفلونزا نوع "ب"، ثم التلقيح ضد التهاب الكبد الفيروسي من نوع "ب"، والتلقيح ضد شلل الأطفال وضد الروتافيروس، وكذا ضد المكورة الرئوية. الشهر الثالث: التلقيح الثاني ضد الدفتيريا الخناقية، والكزاز والسعال الديكي، والهيموفيلوس أنفلونزا نوع "ب"، ثم التلقيح ضد التهاب الكبد الفيروسي من نوع "ب"، والتلقيح ضد شلل الأطفال وضد الروتافيروس. الشهر الرابع: التلقيح الثالث ضد الكزاز والسعال الديكي، وشلل الأطفال، والدفتيريا الخناقية، والالتهاب الرئوي من نوع باء "البنوموكوك". الشهر التاسع: التلقيح ضد الحصبة والحصبة والألمانية والحميراء في القطاع الخاص، ثم اللقاح ضد التهاب الكبد الفيروسي من نوع باء، وضد مرض النكاف. الشهر 12: تذكير بالتلقيح ضد البنوموكوك، والجرعة الثانية في القطاع الخاص ضد الحصبة والحصبة الألمانية والنكاف. الشهر 13: في القطاع الخاص، الجرعة الأولى من التلقيح ضد جذري الماء. الشهر 14: في القطاع الخاص، الجرعة الثانية من التلقيح ضد جذري الماء. الشهر 18: تذكير باللقاح ضد الكزاز وشلل الأطفال والدفتيريا والسعال الديكي. الشهر 24: في القطاع الخاص، التلقيح ضد التهاب الكبد الفيروسي من نوع ألف، وبعد 6 أشهر من ذلك الجرعة الثانية. 5 سنوات: تذكير بالتلقيح الخاص بالكزاز وشلل الأطفال إلى جانب الدفتيريا والسعال الديكي. 10 سنوات: تذكير بالتلقيح ضد الكزاز وشلل الأطفال إلى جانب الدفتيريا والسعال الديكي. 15 سنة: تذكير بالتلقيح ضد الكزاز وشلل الأطفال وكذا الدفتيريا. كما نوصي في القطاع الخاص، باللقاح ضد التهاب السحايا والتلقيح ضد فيروس الورم الحليمي البشري عند الفتيات لمواجهة سرطان عنق الرحم (جرعة أولى في السنة 11 والجرعة الثانية بعد 6 أشهر)، ما هي الإجراءات المُتخذة من طرف المصحات الخاصة خلال فترة الحجر الصحي؟ خلال فترة الحجر الصحي، عملنا على إعادة تنظيم الاستشارات والفحوصات الطبية في العيادات الخاصة بالاعتماد على مجموعة من الإجراءات والتدابير؛ منها إجراء الفحوصات بناء على أخذ المواعيد عن بعد وتحديد وقتها، ومرافقة الطفل من طرف الأب أو الأم، وغسل الأيدي وتعقيمها بالمطهرات عند ولوج العيادة والخروج منها. كما جرى، أيضًا، توفير وسائل الحماية للأطباء ومساعديهم، واستبدال "غطاء السرير الورقي" بعد إجراء كل فحص، والقيام بعملية تعقيم بشكل مستمر بين كل مريض والثاني، وتحسيس الآباء والأمهات من أجل احترام التدابير الحاجزية الوقائية والتقيد بها، من أجل المساهمة في توفير الشروط المساعدة على رفع الحجر الصحي في أقرب وقت. في ظل الحجر الصحي، رصدتهم انخفاضًا في إقبال المغاربة على التلقيح، كيف تم التعامل مع تحذيركم؟ نحرص على التنويه بالتفاعل الإيجابي لوزارة الصحة، التي تفاعلت مع بياننا في "أنفوفاك المغرب"، الذي حذّر من تراجع عمليات تلقيح الأطفال، إذ أصدرت الوزارة بلاغا للرأي العام، حثت من خلاله على ضرورة تأمين واستمرار عمليات تلقيح الرضع منذ الولادة وإلى غاية 18 شهرًا، وتفادي أي تأخير في هذا الصدد لتجنب المضاعفات، مع التحسيس بأهمية التلقيح عبر وسائل الإعلام المرئية والقنوات التلفزية المغربية. لا تفوتني الفرصة لكي أتقدم بالتهنئة إلى كل جمعيات أطباء الأطفال في المغرب (بكل من الدارالبيضاء، الرباط، طنجة، فاس، وجدة، مراكش، أكادير والجديدة)، بالإضافة إلى الجمعية المغربية لأطباء الأطفال، والجمعية المغربية للأمراض التعفنية لدى الأطفال والتطعيم، من أجل انخراطهم ويقظتهم، الأمر الذي سمح باستئناف التلقيح. يجب أن نواصل تعبئتنا لتحسيس الآباء والأمهات وتشجيعهم على المواظبة على تلقيح أطفالهم، والحرص على المتابعة الصحية للأطفال الذين يعانون من أمراض مزمنة، بالنظر إلى أن الدراسات الوبائية الأخيرة تظهر أن الأطفال ينقلون العدوى بشكل أقل، وهم نادرًا ما يُصابون بالفيروس، ولا تظهر عليهم غالبا الأعراض الحادة والخطيرة التي تظهر عند الأشخاص الراشدين.